لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في رسالة عيد الفصح 2025، إلى أنّ "بين يوم الجمعة والأحد، يوجد يوم سبت النور، يوم الصّمت أمام قبر يسوع، حيث الذّاكرة مجروحة، والرّجاء مخنوق والسّاعة مظلمة. وفي اللّيل كانت النّسوة تهيّئن الطّيوب لجثمان يسوع، صباح الأحد، ذاك اليوم الّذي بدّل التاريخ. والمسيح في ذاك السّبت، مثل حبّة حنطة ماتت في الأرض، كان يثمر في العالم حياة جديدة".

وأشار إلى أنّ "في صباح الأحد، توجّهن باكرًا إلى القبر، فوجدن ملاكًا يقول لهنّ: "لا تخفنّ! ليس هنا، إنّه قام" (متى 28: 5 و6). أمام القبر سمعن كلمات حياة. ثمّ لاقين يسوع، مصدر الرّجاء، يثبّت البشرى ويقول: "لا تخفن". هذا هو إعلان الرّجاء. إنّه لنا اليوم في ظلمة الحياة".

وركّز البطريرك الرّاعي على أنّ "في هذه اللّيلة نكسب حقًّا أساسيًّا لا يُنزع منّا، هو حقّنا في الرّجاء، رجاء جديد حيّ يأتي من الله. "تشجّع، تشجّعي، تشجّعوا". هي كلمة تخرج في الإنجيل من فَم يسوع. إنّه القائم من الموت يقيمنا نحن معه من حضيض خطايانا، من حالة بؤسنا، من حالة الشّك والارتياب والضّياع".

وأوضح "أنّنا اختبرنا الرّجاء في مطلع هذه السّنة على أكثر من صعيد، ولو مخفيًّا بين ركام الدّمار، ودماء القتلى والجرحى، ودموع المحزونين والحزانى. فكان الرّجاء بانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة ينعم بثقة الدّاخل والخارج، ورئيس للحكومة والوزراء الواعدين فيها، والتّعيينات الجديدة العسكريّة والقضائيّة"، مبيّنًا أنّ "هذه كلّها من مظاهر الرّجاء الآتي من الله، الّذي يدعونا إلى دحرجة حجر اليأس والقنوط وفقدان الرّجاء، فالكلمة الأخيرة لم تكن لموت المسيح الفادي، بل لقيامته".

كما أكّد أنّ "إعلان الرّجاء لا ينحصر في أماكننا المقدّسة، بل يُحمل إلى الجميع حيثما هم. هذا هو دور المسيحيّين، إنّهم أصحاب رسالة وهي: أن يعزًوا الحزانى ويحملوا أثقال الآخرين، وأن يشجّعوا، وأن يعلنوا الحياة في زمن الموت، وأن يظلّوا بمدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم وسائر مؤسّساتهم، في كلّ مكان وبيئة، يؤدوّن الخدمة للجميع، ويشهدون أنّ جميع البشر إخوة وأخوات، فيُسكتوا صراخ الموت".

وأضاف الرّاعي: "كفى حروبًا، كفى تصنيع أسلحة والمتّجارة بها، فالعالم بحاجة إلى خبز لا إلى سلاح. ولتتوقّف عمليّات الإجهاض وقتل الأبرياء، ولتُفتح أيادي القادرين لتملأ الأيادي الفارغة حتّى من الضّروري".

وشدّد على أنّ "في ظلّ التّحدّيات المتعاظمة الّتي يواجهها قطاع التّربية والتّعليم في وطننا، تبرز الحاجة الملحّة إلى ورشة إصلاح تربوي شاملة، تنطلق من حرّيّة التّعليم الّتي يكفلها ​الدستور اللبناني​ في مادّته العاشرة، وتستند إلى ما جاء في شرعة حقوق الإنسان الّتي تؤكّد في مادّتها السّادسة والعشرين على "حقّ كلّ إنسان في التعلّم".

ورأى أنّ "هذه الورشة لا يمكن أن تُؤتي بثمارها إلّا من خلال حوار بنّاء، يشارك فيه جميع المعنيّين بالشّأن التّربوي: إدارات ومعلّمين وأهالي تلامذة، بهدف وضع تشريعات حديثة، عصريّة، عادلة ومنصفة، تحفظ حقوق مختلف مكوّنات العائلة التّربويّة".

وخصّ الرّاعي بالذّكر في هذا السّياق: "تسوية أوضاع صندوق التّعويضات للمعلّمين في المدارس الخاصّة بما يضمن حقوق الأساتذة الحاليّين والمتقاعدين، إقرار تشريعات تحافظ على المدرسة المجانيّة لما لها من دور أساسي في تأمين التّعليم لمن هم الأكثر حاجة، واستكمال ورشة تحديث المناهج التّربويّة، بما يتلاءم مع متطلّبات العصر؛ ويُسهم في تنشئة أجيال قادرة على بناء مستقبل الوطن".

إلى ذلك، أكّد "ضرورة أن تراعي هذه التّشريعات، من جهة القدرة الفعليّة للأهالي على تحمّل الأعباء التّربويّة، وأن تضمن من جهة أخرى، العيش الكريم للمعلّمين واستمراريّة المدارس الخاصّة، ولا سيّما في المناطق النّائية، حيث تُشكّل هذه المدارس الضّمانة الوحيدة لاستمرار التّعليم والتّربية".