على وقع "الحماوة" التي تشهدها الإنتخابات البلدية والإختيارية، في الفترة الراهنة، يبرز بشكل لافت الإقبال على الترشح لـ"المخترة"، على عكس ما هو الحال بالنسبة لعضوية المجالس البلدية. إلا أن ما ينبغي التوقف عنده أن الغالبية تجهل الدور الذي يجب أن يقوم به المختار، مكتفية بالنظرة إليه على أنه "معقب معاملات"، وبالتالي تحول المنصب إلى مصدر للكسب المادي بالدرجة الأولى.

هنا، من الممكن الإشارة إلى أنه في الذاكرة اللبنانية "هالة" كبيرة لموقع "المختار"، الذي كان ينظر إليه على أساس أنه رئيساً للجمهورية في بلدته، بسبب الأدوار المتعددة التي كان يقوم بها، على عكس ما هو الحال اليوم حيث فقد المنصب الكثير من وهجه، ما يدفع العديد من المخاتير الكبار إلى التعبير عن حسرتهم بسبب ذلك.

تنقسم المهام التي يتولاها المختار، بحسب قانون المخاتير والمجالس الاختيارية، الى عدة أنواع: الإدارة العامة والأمن العام، الأحوال الشخصية، الشؤون المالية، الشؤون العقارية، الشؤون الزراعية، الشؤون الصحية، المعارف والفنون الجميلة. وفي حين تهتم غالبية المخاتير بالأمور التي لها مردود مالي، هناك، في الشؤون الصحية والمعارف والفنون الجميلة، صلاحيات هامة، منها: حمل الأهالي على التلقيح عند حصول وباء، والسعي بجميع الوسائل لمنع الاختلاط إلى أن تتخذ الحكومة التدابير الصحية النهائية، إخبار السلطة عن الحوادث التي تقع بسبب أكل اللحم المسمّم أو الجبن أو ما شابه هذه الحوادث، حض الأهل على إرسال أولادهم إلى المدارس، حماية المباني الأثرية وأن يخبر السلطة الإدارية عن كل تلف يحصل فيها، السعي لتطبيق قانون حماية الأحداث وعدم تشغيلهم.

في حديث لـ"النشرة"، يوضح مختار كفردبيان وسيم مهنا أن ظاهرة الأقبال على الترشح تبرز في المناطق المكتظة سكنياً، حيث تصبح "المخترة" بمثابة وظيفة، لا بل أن غالبية المخاتير في المدن لديهم "سكرتيرات"، على عكس ما هو الحال في القرى والبلدات الصغيرة، خصوصاً أن المختار فيها، في أحيان كثيرة، لا يتقاضى رسوماً عالية من أبناء البلدة، في حين أن غالبية من يتعاملون معهم، في تلك المكتظة، لا يكونون من الناخبين.

على الرغم من ذلك، يشدد مهنا على أن المختار له مجموعة من الوظائف الهامة، وبالتالي هو لا يجب أن يكون، كما هو الحال اليوم، مجرد معقب معاملات، حيث يشير إلى أن الموضوع يتوقف على الشخص المعني، مشدداً على أن المختار هو الحارس الأمين على البلدة، له سلطة الرقابة والمعارضة أكثر من أي عضو بلدي، لا بل يؤكد أن من يعرف صلاحياته يدرك أنه أهم من رئيس البلدية أو حتى النائب ضمن نطاق البلدة، فهو له علاقة مع مختلف الأجهزة وهو أيضاً ضابط عدلي ومساعد للنائب العام، ويختصر الأمر بالقول: "هو مسؤول عن الأرض وعن النفوس".

من جانبه، يشير الباحث للدولية للمعلومات محمد شمس الدين إلى أنه في لبنان هناك نحو 3082 مختارا، خصوصاً أن في العديد من المدن والبلدات هناك أكثر من واحد، حيث يلفت إلى أنه في بيروت وحدها هناك نحو 102، ويلفت إلى أن الإقبال على الترشح في هذه الدورة يعود إلى أن "المخترة" بات باباً للكسب المادي، لا سيما في المدن الكبرى، حيث من الممكن القول إن مدخول المختار لا يقل عن 300 دولار أميركي، نظراً إلى أن الأمور "فلتانة".

في هذا الإطار، يوضح شمس الدين أن المختار، في الوقت الذي يكسب فيه مادياً، يسهل الأمور على المواطنين، نظراً إلى أنه يتولى إنجاز المعاملات الخاصة بهم في دوائر النفوس، على إعتبار أن القيام بذلك يعني تعطيل العمل، بالإضافة إلى تكبد مصاريف إضافية، ولذلك يفضل المواطنون أن يتولى المخاتير هذه المهمة.

بحسب المادة 17 من قانون المخاتير والمجالس الاختيارية، وظائف المختارين مجانية، وإنما يجوز لهم أن يستوفوا رسوماً، تحدد قيمتها بمرسوم، عن الشهادات الأصلية التي يعطونها: لمعاملة سفر، إجراء معاملات حصر الإرث، إجراء عقد رهن أو عقد بيع، التصديق القانوني على الإمضاء، إعطاء شهادة تختص بإثبات حجز الأملاك، تسجيل قائمة جرد التركة، لتثبيت حصر الأملاك، بوقوعات النفوس، للأفراد ضمن الأنظمة المرعية.

في هذا المجال، يشرح مهنا أن غالبية الرسوم التي يتقاضاها المخاتير عن المعاملات ليست محدّدة، باستثناء رسوم إخراج القيد بالإضافة إلى طابع المختار، لكنه يلفت إلى أن بعض روابط المخاتير في المناطق، تنظم ما يمكن وصفه بـ"البرتوكول" فيما بينها، بالنسبة إلى الرسوم التي يتقاضاها كل مختار.