تجاوز عين الحلوة قطوعا أمنيا خطيرا، وبدت معادلته السياسية والامنية محكومة بمنع الانفجار الكبير ولفظ شظاياه الى الخارج اللبناني، وبين امتصاص تداعيات الاشتباك المسلح في اعقاب محاولة اغتيال الناشط الاسلامي بلال بدر باقل الخسائر الممكنة، واثبتت الوقائع الميدانية كما الاتصالات السياسية واللقاءات ان كل القوى الفلسطينية مصممة على عدم الانجرار الى الفتنة او الشرب من الكأس المر في الوقت الضائع سوريا ولبنانيا، وانه ليس لدى "فتح" مشروعا توتيريا بينما من مصلحة "القوى الاسلامية" الحفاظ على الاستقرار بعد انفتاحها وتأكيدها انها صمام امان في معادلة المخيم السياسية.
صدى الاشتباك كان كبيرا اعلاميا في ظل تطورات المنطقة، وثقيلا سياسيا على الاوساط اللبنانية وأمنيا على القوى الفلسطينية واقتصاديا وبشريا على ابناء المخيم، الذين دفعوا قتيلا واكثر من خمسة عشرة جريحا اضافة الى اضرار جسيمة في الممتلكات والمحال التجارية والسيارات، وقد جاء في توقيت دقيق وصعب للغاية في ظل المساعي الفلسطينية للتوافق على تشكيل مرجعية فلسطينية موحدة وتشكيل قوة امنية تقوم بحماية المخيمات من اي ارتدادات للاحداث الامنية في سوريا والخلافات السياسية اللبنانية، وكأن المقصود ابقاء المخيم "فزاعة" بين معادلتي "البؤرة الامنية" والمخاوف من "تفجير الاستقرار".
وفيما كشفت مصادر لـ "صدى البلد"،ان اتصالات فلسطينية رفيعة المستوى واخرى لبنانية طلبت من القوى العمل بقوة على تطويق ذيول الاشتباك باي ثمن، محذرةمن "ان الانفجار ممنوع"، أعربت أخرى عن قلقها من تحويل المخيم بعد الاشتباك الى مربعات أمنية بحيث لا يتجول فيه الا مناصرو من يسيطرون على المنطقة، كما حصل في فترات سابقة حيث كان عناصر "فتح" يتفادون العبور من منطقة الطوارىء والشارع الفوقاني حيث الثقل الاسلامي بينما يتفادى الاسلاميون المرور من الشارع الفوقاني قرب المدخل الشمالي وفي منطقة البركسات حيث ثقل "فتح".
ورغم سوداوية المشهد الذي خيم على عين الحلوة بين الاشتباكات العنيفة حينا والمتقطعة احيانا والتي استخدمت فيها الاسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية وحتى قذائف "الانيركا"، وادت الى نزوح محدود في منطقة الاشتباك التي امتدت من حي الراس الاحمر مرورا بمفرق سوق الخضار وصولا الى مستشفى النداء الانساني، الا ان حركة ابناء المخيم وخاصة جيل الشباب كانت لافتة في تنظيم مسيرة شعبية احتجاجية انطلقت من امام مسجد خالد بن الوليد في الشارع التحتاني للمطالبة بوقف اطلاق النار وسحب المسلحين ولم تتراجع رغم اطلاق النار في الهواء لتفريقها واصرت على الاستمرار وسلمية تحركها الى ان توصلت القوى الفلسطينيةالى اتفاق يقضي بوقف اطلاق النار وسحب المسلحين.
وقف النار
سياسيا، اعلنت القوى الفلسطينية استنفارهاوابقت اجتماعاتها مفتوحة في مركز النور الاسلامي لتطويق ذيول الاشتباك بعد شعور متزايد ان الامور كادت تفلت عن السيطرة، فارسلت وفدين منها الى المسؤول في "فتح الاسلام" الشيخ اسامة الشهابي والناشط بدر والى قائد "الكفاح المسلح الفلسطيني السابق العميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" وذوي القتيل المصري، فتم الاتفاق على وقف اطلاق النار وعلى نشر قوة امنية من مختلف القوى في مكان الاشتباك عدة ايام لتثبيته.
واعتبرت اللجنة إن الحادث المؤسف هو حادث فردي ليس له أية ابعاد سياسية وإن لجنة المتابعة بكل أطرافها أكدت على ثوابت العمل المشترك القائمة على حرص الجميع على أمن واستقرار المخيم وإدانة الفعل وردة الفعل، داعية ابناءنا في المخيم بكل انتماءاتهم تجنب كافة المظاهر المسلحة والمحافظة على أمن المخيم وعودة الحياة إلى طبيعتها وعدم الانجرار إلى الفتنة، متوجه بالنداء لأبناءنا بأن هذا المخيم من مقيمين ووافدين أمانة في أعناقنا بأرواحهم وأرزاقهم.
وابلغ منسق العلاقات السياسية في تنظيم "انصار الله" ابراهيم ابو السمك لـ "صدى البلد"، ان عملية انتشار عناصر من القوة الامنية المشتركة بدأت في الشارع الفوقاني حيث وقع الاشتباك المسلح، بعد التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بين الطرفين، مؤكدا ان عناصر من انصار الله وعصبة الانصار الاسلامية والحركة الاسلامية المجاهدة وحركتي حماس والجهاد الاسلامي انتشروا من مفرق سوق الخضار باتجاه جامع الشهداء شمالا وعناصر اخرى من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية انتشروا من مفرق سوق الخضار باتجاه مستشفى النداء الانساني جنوبا، موضحا ان الاجواء هادئة وتميل نحو الاستقرار، اذ ان جميع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية حريصة على منع انجرار المخيم الى اي فتنة او اشكال داخلي، داعيا الناس الى الاطمئنان والعودة الى منازلهم.
وقام اعضاء لجنة المتابعة الفلسطينيةبجولة ميدانية في الشارع الفوقاني ومنطقتي الاشتباك للتأكد من وقفاطلاق النار وطمأنة المواطنين بعدما اعرب الطرفان عن قبولهما وقف اطلاقالنار.
خسائر وانتشار
ميدانيا، ادى الاشتباك في حصيلته النهائية الى سقوط قتيل هو "الفتحاوي" احمد خالد المصري ونحو خمسة عشر جريحا بينهم خمسة من عناصر الجيعة الشعبية لتحرير فلسطين حين سقطت قذيفة قرب مركز ناجي العلي التابع لهم وهم: احمد بدر وعلي قويدر وابراهيم كنعان وزياد موسى وغسان ابو سالم وعلي عكر وبسام مصطفى، الطفل عمر كروم، السيدة ايمان الميعاري، صالح كعبوش، رامي السعدي،فادي الخطيب ونمر عويد فيما أصيب ثلاثة آخرين بجراح طفيفة لم تستدعي جراحهم نقلوهم الى اي من المستشفيات".
كما ادى الى اضرار جسيمة في المحال التجارية، وأقدم اصحابها على اقفال الطريق الرئيسي الفوقاني صباحا، وخلا سوق الخضار من الحركة واقفلت محاله التجارية، بينما قررت "لجنة المتابعة الفلسطينية" تعطيل المدارس التابعة لوكالة "الاونروا" خشية على الطلاب، ولم تسلم بعض مدارس صيدا اذ اصابت رصاصة طائشة نافذة احد الصفوف في مدرسة عائشة ما دفع بادارتها الى نقل الطلاب الى صفوف اكثر امنا بينما فضلت اخرى تعليق الدروس.
مواقف فلسطينية
هذا واعتبر امين سر حركة فتح في لبنان وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي ابو العرداتانه منغيرالمسموحالعبثبأمنعين الحلوة او اي من المخيمات الفلسطينية، قائلا أنما جرىمنأحداثمؤسفةلاتصبفيمصلحةشعبناوقضيتهوالمستفيدالوحيدمنذلكهوالعدوالصهيوني"، مؤكدا "أنمصلحةشعبناالفلسطينيوامنهواستقرارهفوق كل اعتبار".
وأكد قائدالأمنالوطنيالفلسطينيفيلبناناللواءصبحيابوعربأنهاعطىتعليماتهبعدمالظهورالمسلحفيمحيطالمكاتبالعسكريةللأمنالوطنيوحركة فتح،وعدمالردعلىالنيران، قائلا"ان مصلحةشعبناالعلياتقتضيمناأننكونعلىقدرمنالمسؤولية"،مثمنا "دور وجهود لجنةالمتابعة الفلسطينيةوالقوةالامنيةوكافةالقوىوالفصائلالتيعملتعلىاطفاءنارالفتنة في عين الحلوة".
ودان ممثلحركة"حماس"فيلبنانعليبركةاستخدامالسلاحفيحلالنزاعاتالداخلية، قائلا "ندعوجميعالفصائلوالقوىالفلسطينيةلتحملمسؤولياتهاوالعملعلىتشكيلمرجعيةفلسطينيةعليافيلبنانتتولىترتيبالأوضاعالسياسيةوالأمنيةوالاجتماعيةفيالمخيماتالفلسطينيةفيلبنانبالتشاوروالتنسيقمعالجهاتاللبنانيةالمعنية".
بينما حيا عضو المكتب السياسي لـ "جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف جهودلجنةالمتابعةوالتحركات الشعبية التي ابدت حرصها على امن واستقرار المخيم، معتبرا "ان الامن خط احمر ممنوع المساس به تحت اي ظرف كان".
واكد امين سر حركة "فتح" في مخيم عين الحلوة العميد ماهر شبايطة الحرص الشديدعلىالسلمالاهليفيلبنانوعلىالمحافظةعلىأمنالمخيماتواستقرارهاومحاصرةايإشكالأوفتنةداخليةفورامحذرامننشرالإشاعاتالمغرضةالتيتستهدفوحدةالصفالفلسطينيواللبنانيوالاسلامي.
مواكبة لبنانية
واجرت النائب بهية الحريري اتصالات هاتفية بمختلف القيادات الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية والقوى الاسلامية بهدف العمل على تهدئة الوضع ومنع انفجاره .
وشملت اتصالات الحريري كلا من "امين سر حركة فتح في لبنان فتحي ابو العردات وقائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب واللواء منير المقدح، وممثل حركة حماس في لبنان علي بركة، وأمين سر القوى الإسلامية الشيخ جمال خطاب ومسؤول عصبة الأنصار الاسلامية الشيخ ابو الشريف عقل حيث تمنت عليهم العمل على معالجة تداعيات ما جرى ونزع فتيل التوتر.
وناشد الدكتور عبد الرحمن البزري الجميع على مختلف توجهاتهم ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في مخيم عين الحلوة ووقف الاشتباكات المسلحة، معتبراً أن أي خلل أمني في هذا المخيم الهام والكبير سينعكس سلباً على الفلسطينيين أنفسهم وعلى أهالي صيدا التي تُعاني هي بدورها من التوتر والترقب وعدم الاستقرار وانخفاض مستوى الحركة التجارية فيها الى مستوى يُهدد المواطن في عيشه وفي قدرته على إعالة عائلته.
واجرى المسؤول السياسي للجماعة في الجنوب الدكتور بسام حمود اتصالات مع مختلف القوى الاسلامية والوطنية، داعيا باسم الجماعة الاسلامية جميع القوى والأحزاب للعمل السريع والجاد والمسؤول لاعادة الاستقرار وضبط الوضع الأمني المتأزم حفظاً لأرواح المواطنين وممتلكاتهم وقبل ذلك رفضاً لأي مشروع يهدف إلى إحداث فتنة داخل المخيم، مطالبا الجميع بتحمل مسؤولياتهم ورفض الانجرار إلى الفتنة باي شكل من الأشكال وتغليب لغة العقل والحوار بدل لغة السلاح لأن الجميع خاسر وأول الخاسرين القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
إستنكر إمام مسجد الغفران في صيدا الشيخ حسام العيلاني الإشتباكات المسلحة، مثنيا على الجهود التي تبذلها لجنة المتابعة الفلسطينية لعودة الأمن والإستقرار إلى المخيم، متمنيا عليها مضاعفة جهودها مؤكدا على أن امن المخيم من أمن عاصمة المقاومة صيدا.