أكد بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان أن "الواجب يدعونا لنحث القيمين على شؤون البلاد أن يتحلقوا حول الرئيس ميشال سليمان على طاولة حوار صريح وحضاري، ويبادروا إلى تأليف حكومة تكون قادرة على مواجهة التحديات التي تعصف بالوطن، وتجري الانتخابات النيابية التي يجب أن تتم وفق قانون انتخابي يؤمن التمثيل العادل والشامل لكل مكونات المجتمع وفئاته".
وحث في رسالة عيد القيامة التي وجهها إلى أساقفة وكهنة وإكليروس وأبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية وبناتها في لبنان والشرق والعالم، جميع اللبنانيين على "التيقظ لما وصلوا إليه من سوء حال". وأهاب بهم إلى "تناسي خلافاتهم الشخصية والحزبية والطائفية، والاستماع إلى صوت الضمير في ظل الوضع الخطير الذي نعيشه اليوم، سيما على المستوى الأمني والمعيشي والاقتصادي والاجتماعي".
واشار الى ان "لبنان لا يزال يعاني الإنقسامات والتشنجات بين أبنائه، والتي تزداد خطورتها، سيما بعد استقالة الحكومة وانتظار تشريع قانون انتخابي تتوافق عليه أقله الأغلبية"، معتبرا أن "هذا الأمر يقتضي من أصحاب الإرادات الصالحة العمل على رص الصفوف، وجمع القوى، للنهوض بالوطن من كبوته"، مؤكدا أن هذا الأمر "لن يكون بالهرب من الواقع وبتجاهله، بل بمعالجته بالحكمة والروية، وبما يستوجبه من دقة، وبالعودة إلى الروحية التي وضعت أسس العيش الواحد بين اللبنانيين".
وتطرق إلى الأوضاع في الشرق فقال: "منطقتنا الشرق أوسطية تعيش هذه الأيام حالة من عدم الاستقرار والقلق، إذ تعاني دول عدة فيها من حروب وصراعات ونزاعات تهدد وجودها ومستقبل مواطنيها. فتغيب عن كثيرين منهم فرحة العيد ليحل مكانها الحزن والألم".
وكرر "مع ذوي الفطنة والحكمة شجبنا وإدانتنا لاستعمال العنف والسلاح بحجة نشر الديمقراطية وأفكار الإصلاح"، مؤكدا أن "مفهوم الديمقراطية، أي ممارسة الشعب حقه في تنظيم حياته المدنية، يعني مسيرة حضارية هدفها حياة الإنسان وليس موته".
واعتبر يونان أن "لا سبيل لنشر الديمقراطية الحقة ولتفعيل المساواة في المواطنة بين الجميع في البلد الواحد، بغض النظر عن العدد أو العرق أو الدين، إلا بالجلوس على طاولة المفاوضات عبر الحوار البناء، وانتهاج لغة العقل بالاحترام المتبادل. وهذا يتطلب شجاعة تزيل ما ترسب من اتهامات وآثار سلبية للنزاعات".
وأشار إلى أن "سوريا يسودها الخراب والدمار والتفتت يوما بعد يوم. وها هم عشرات الأبرياء يسفكون دماءهم على مذبح الوطن، والاقتصاد في حالة تقهقر، ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني تتكبد الأضرار الفادحة".
وناشد "جميع الأفرقاء المتنازعين، أن يحكموا ضميرهم الأخلاقي وحسهم الوطني، فلا يتأثروا بأي ضغط أو إملاء من أي جهة أتى، بل يعتمدوا جميعا لغة الحوار والتفاهم والمصالحة، نابذين لغة السلاح والعنف والتطرف التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من القتل والدمار وتفتيت الوطن"، مؤكدا "أن درب الآلام التي يعانونها الآن لا بد وأن ينبلج في نهايتها فجر القيامة".
وحيا أيضا أبناءه السريان في العراق، "البلد الأم لعدد كبير من المواطنين المعذبين، الذي لا يزال يعاني ويتألم"، حاثا "جميع مكوناته على التعاضد وشبك الأيدي للنهوض به وإحلال الأمن والسلام في ربوعه، وذلك بنبذ شرور الطائفية والعصبية والقبلية التي تقف عائقا أمام تقدمه وازدهاره".
وهنأ السريان في سائر بلاد المشرق وعالم الانتشار بعيد القيامة المجيدة، متمنيا أن "تقوم بلاد هذا المشرق المعذب بوجه مضيء، متغلبة على كل آثار الشرور وتداعيات الصراعات العنيفة وشبح اليأس في مسيرتها الزمنية على هذه الأرض".