يمضي العمرُ وتمضي السنوات، يمضي الزمن وتمضي الأيام، يمضي نهارٌ ويمضي عمري معهم. مضت سنوات خمس على رسامتي الكهنوتيّة وها أنا أقدمها لله تعالى، شاكراً إياه على هذه النعمة وعلى كلّ إنسان التقيتُ به خلالها. مضت سنوات خمس والتقيت بالله، بالمسيح، بالروح القدس. مضت سنوات خمس والتقيت بالطفل، بالشاب، بالجامعيّ، بالمتزوج، بالمُسِنّ. مضت سنوات خمس والتقيت بالمتعمِّد، بالمعترف، بالمريض وبالمُنازع.
خلال لقائي بهم، تعلمت من كلّ واحدٍ منهم درساً:
فالله علمني المحبة والمسيح بذل الذات من أجل الآخرين وأمّا الروح القدس فقد علَّمني الأمل والرجاء.
فالطفل علَّمني الابتسامة، الشاب علَّمني اكتشاف الحياة، الجامعي علّمني الطموح نحو الأفضل، المتزوج علَّمني الإخلاص أمّا المُسِنّ علَّمني الحكمة.
فالمتعمِّد علَّمني قوّة النعمة، المعترف علَّمني عظمة ووفرة رحمة الله، المريض علَّمني أهميّة الصبر وأمّا المُنازع فعلَّمني الاستسلام الكلّي لله.
تعلَّمت أشياءً كثيرةً وما زال ينقصني الكثير، لكن أقدِّم كلُّ ما لديَّ وكلّ ما تعلَّمته خلال هذه السنوات الخمس إلى أبي السماوي وأخي المسيح ومعزيَّ الروح القدس، شاكراً إياهم ومُردِّداً ما أردِّده في القداس الإلهي: "ما لك مما هو لك أقرِّبه لك عن كلّ شيء".
نعم، لقد تعلّمت وعلَّمت في الوقت عينه، إذ منحت الروح القدس للمعتمد، ثبَّتُ المسيحي في إيمانه، منحتُ المؤمن جسد ودمّ يسوع المسيح، كلَّلتُ بالمجد والكرامة مَن قالا نعم أمام الرب، صلّيتُ مع المريض ومن أجله ومشحتُ من يستعد لدخول ملكوت السماوات.
نعم، كلّ هذا حصل بنعمة الله تعالى وبمحبة ربنا يسوع المسيح ونعمة الروح القدس لي أنا خادم الله على هذه الأرض ورسول المسيح ومانح الروح القدس.
في هذه الذكرى الخامسة لكهنوتي، أشكرك يا ربّ وأطلب منك أن تثبِّت إيماني بك كما ثبَّت كنيستك على الصخر، أن تمنحني صوت المسيح لكي أبشِّر بملكوت الله وتمنحني نعمة روحك القدوس لكي أمجدك في كلِّ حين على مدى أيام حياتي.
شكراً ربّي على إيماني بك الذي أجدِّده دائماً لاسيما في هذه السنة، سنة الإيمان.