هكذا تم إلهاء اسرائيل. نحو مئة الف موقع الكتروني اسرائيلي منها مواقع حكومية وعشرات آلاف حسابات التواصل الاجتماعي تمت قرصنتها. اذا نظرنا الى العملية ببساطة، فهي لا تملك أي قيمة أمنية، ولا تعدو كونها عملية رمزية اعلامية ضد اسرائيل، لكن عند التمعن في المعلومات التي توافرت، رغم قلتها، يمكن القول إن ما حدث ربما كان عملية إلهاء منظمة لتل أبيب، لتحقيق أهداف أمنية.
يتحدث الخبير في تكنولوجيا المعلومات ربيع عوض، عن التعتيم الاعلامي المستغرب الذي يحيط بما حدث "إذ إن المعلومات المتوافرة قليلة جدا، وكل ما يمكن أن يقال أو يتم تحليله يستند الى تلك المعلومات التي تم تأكيد بعضها، فيما لا تزال أخرى غير مؤكدة". يبدأ عوض الحديث عن المعلومة الاخطر شبه المؤكدة، وهي الحصول على "أسماء نحو 17 الف عميل للموساد في العالم، وهو أمر لا يمكن حصوله جرّاء اختراق الموقع الالكتروني للموساد، فهذا الموقع لا يحتوي الا على المعلومات المنشورة، وهي تاليا ليست خطيرة. أما المعلومات عن عملاء الموساد فيمكن الوصول اليها عبر اختراق الانظمة المعلوماتية لجهاز الموساد. إلا أن القيام بهذا الامر يتطلب خبراء محترفين للغاية".
لكن هل كان كل ما حدث من اختراق لعشرات آلاف المواقع الاسرائيلية مجرد اشغال للخبراء الاسرائيليين لتسهيل اختراق الأنظمة الالكترونية لـ"الموساد".
يرى عوض ان الامر ممكن جدا "وخصوصا في ظل الهجمة الكبيرة التي حدثت والتي أدت الى اشغال كل الخبراء الاسرائيليين، وطالت ايضا الحسابات المصرفية، عبر سرقة حسابات المودعين، إذ أصبح بالامكان تحويل أموال الى خارج دولة اسرائيل".
تحتل مواقع التواصل الاجتماعي أسفل السلم من حيث سهولة اختراقها، وتليها المواقع الالكترونية "والتي يمكن اختراقها بامكانات محدودة وبخبرات متفاوتة، لكن المعلومات تشير الى ان خمسة آلاف "هاكرز" شاركوا في الهجوم، وبالتالي فان الانونيموس (مجموعات خرق البرامج) لا يمتلكون خبرات خارقة ولا امكانات هائلة يمكنهم القيام عبرها بقرصنة المواقع الالكترونية الاسرائيلية وحتى المواقع الحكومية، إلا أنهم لا يستطيعون الحصول على المعلومات الحساسة للموساد التي تمكن أحدهم من الوصول اليها".
ويستنتج عوض "ان العملية بدأها جهاز فائق التنظيم إذ إنه ربما دفع مجموعة كبيرة من الانونيموس الى بدء الهجوم وساهم في زيادة التنسيق بينهم حيث كان يحصل عدد كبير جدا من الهجمات في وقت واحد، وهذا يتطلب تنسيقا كبيرا. بعد ذلك قام فريق مختص وفائق الاحتراف باختراق النظام الالكتروني للموساد". يفترض عوض حصول هذه الامور وفقا للمعلومات التي استطاع الاطلاع عليها.
ولا يستبعد دخول مجموعات غير منظمة من "الهاكرز" في العملية بقرار فردي "إذ إنه يمكن أي شخص يملك التقنية أن يشارك في العملية، لكن في ما يخص الدول التي أتت منها الهجمات، ثمة صعوبة بالغة في تحديدها، لأن الذين يقومون بعمليات قرصنة الموقع يحاولون إخفاء هويتهم، وهذا يشكل قاعدة أساسية في حقل القرصنة، وبالتالي يمكن ان يكون الهاكرز يعملون من لبنان مثلا، ويستخدمون الـIP الخاصة بالولايات المتحدة الاميركية، وبالتالي ان المعلومات عن الدول التي ساهمت في العملية ليست دقيقة، أما الشباب الذين اعتقلوا في بعض الدول فهم على الارجح من الذين شاركوا عفويا والذين لا يملكون خبرات كافية للتخفي".
وأكد أن إزالة اسرائيل عن الشبكة العنكبوتية ليس مستحيلا، ووقف الهجوم يتطلب القيام بأمرين، اما صدّه، وهو الامر الذي لم تستطع اسرائيل القيام به، واما فصل الانترنت عن اسرائيل الى حين توقف الهجمات، وهو ما يعني ازالة اسرائيل عن الشبكة العنكبوتية".
وهل نستطيع القول إن "حزب الله" قام بالعملية؟ لا يستبعد عوض هذا الافتراض، "فالحزب يملك القدرات المالية والتقنية والعقول اللازمة التي قد تمكنه من اختراق الانظمة الالكترونية للموساد، كما يملك القدرة على تنسيق عمليات القرصنة التي حصلت".