وصفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مؤخرا حول الهجوم الإسرائيلي على السفينة التركية المتجهة إلى غزة عام 2010 بـ"الأمر الرائع"، لكنها أبدت اندهاشها من تأخر الاعتذار وتساءلت: لماذا تأخر نحو 3 سنوات؟
وأوضحت أن "إرجاء الاعتذار كل هذه الفترة أسهم في خلق العديد من الأضرار الدبلوماسية والاقتصادية والجيوسياسية، منها ما أضحى علاجه أمرا مستعصيا"، وأضافت أن "رفض نتانياهو النطق بكلمة "آسف" في وقت مبكر كان رفضا مدفوعا من القلب وليس العقل"، مؤكدة أن "القيادة الإسرائيلية لو قامت -مدعومة من قبل واشنطن- بتغليب "البرغماتية" على كبريائها، لانتهت أزمة الأسطول منذ وقت طويل، ولتجنبت إسرائيل سلسلة من العواقب السيئة".
وأشارت إلى أن "حادثة السفينة التركية "مافي مرمرة" التي كانت ضمن أسطول الحرية المتجهة لكسر حصار غزة عام 2010 كانت لها عواقب وخيمة على تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية، وانتقلت أصداء هذا التدهور في أنحاء المنطقة وإلى أوروبا وواشنطن. وكانت علاقة تركيا بإسرائيل تتمتع بقدر من التناغم على صعيد السياحة والاقتصاد والعلاقات العسكرية. وحتى بعد الهجوم على السفينة مرمرة ظلت العلاقات التجارية قوية بالإضافة إلى التعاون الدفاعي، لافتة إلى أن تركيا لعبت لبعض الوقت دور الوسيط في المحادثات السرية بين إسرائيل وسوريا". وقالت المجلة: إن "السؤال حول دوافع الاعتذار الإسرائيلي الأخير بات موضع نقاش؛ فبعد تعسف نتانياهو لما يقرب من ثلاث سنوات، رأى أخيرا أن من الحكمة قول ما كان الأتراك ينتظرون سماعه منذ وقت طويل"، وأوضحت أن "أسباب عزوف نتانياهو عن الاعتذار لتركيا ليس من الصعب معرفتها؛ فبحسب تقارير داخلية رأت إسرائيل أن إرسال الأسطول سلوك استفزازي متعمد من الجانب التركي، وأن الإجراءات التي اتخذتها قواتها الخاصة تأتي في إطار الدفاع المبرر عن النفس، فضلا عن أن علاقاتها مع تركيا كانت متدهورة على أي حال".
ورأت المجلة أن "الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة من المرجح أنها كانت السبب في هذا الاعتذار، لاسيَّما وأنها شهدت خسارة اليمينيين، أشد الرافضين لفكرة تقديم الاعتذار، كذلك الفوضى المستمرة منذ فترة طويلة، وتنامي التهديدات على طول حدود كلا البلدين نتيجة لهجوم الرئيس السوري بشار الأسد الوحشي ضد شعبه، كانت أيضا عاملا محفزا لهذا الاعتذار".
وتابعت أن "الدافع وراء اعتذار نتانياهو ربما يكون شعورا حقيقيا بالندم أو نتيجة لاعتبارات عملية، لكن تأخره أسهم في حشد مزيد من المشاعر المعادية لإسرائيل داخل العالم الإسلامي وخارجه، وهذا من أسباب تدارك إسرائيل وإسراعها بتقديم الاعتذار لحرمان الزعيم التركي رجب طيب أردوغان من هذا التأييد. إن عدم الرغبة في تقديم الاعتذار كشف عن رد فعل حكومة نتنياهو المألوف وغير المثمر تجاه العزلة التي تواجهها على الصعيد الدولي، موضحة أن عواقب تأخر الاعتذار يبرهن على أن الاعتذار دليل على القوة وليس الضعف".
وختمت المجلة بالقول: "يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الاعتذار المتأخر من رئيس الوزراء الإسرائيلي سيجلب رضا تركيا مرة أخرى، فهذا الاعتذار يكشف رغم تأخره عن مكر ودهاء نتانياهو".