الهوة كبيرة ولافتة بين البيان الذي صدر عن مجلس الامن في شأن الازمة السورية وما تقرر في الاجتماع الذي عقده وزراء خارجية دول "مجموعة اصدقاء سوريا" في اسطنبول.
الاجتماعان عقدا الاسبوع الماضي بفارق زمني لا يتجاوز الـ 48 ساعة. اصدر المجلس بيانا دعا فيه الى وقف العنف فورا، مستنكرا هول المعارك ونتاجها، ليس فقط بالنسبة الى الضحايا من قتلى وجرحى، بل ايضا الى ملايين النازحين من ضراوة المواجهات والمطاردات العسكرية.
والنزوح على نوعين، داخلي وخارجي، ولبنان هو الاكثر تأثرا، اذ انه يستقبل يوميا 3000 شخص يتوزعون على مناطق مختلفة من اراضيه. وهو لا يقفل حدوده كما فعلت الاردن وتركيا. اما القرار البارز في اجتماع الـ"المجموعة" في تركيا فكان التسلح ودعوة دول الاتحاد الاوروبي الى رفع الحظر الذي فرض عليها. وقد قررت الولايات المتحدة تقديم اسلحة "دفاعية" لمقاتلي المعارضة بقيمة 130 مليون دولار، من بينها مصفحات واجهزة اتصال وستر واقية، واللافت ان واشنطن احدثت تطورا في نوعية الاسلحة، قسمتها "دفاعية"، بعدما كانت "غير قتالية"، وهذا يعني بتعبير آخر انها قتالية ليدافع المسلحون المعارضون عن انفسهم خلال الاشتباكات مع قوات النظام. كما ان بريطانيا قدمت عربات مدرعة، وسيشدد وزيرا خارجيتي فرنسا وبريطانيا نهاية الشهر المقبل في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسيل على رفع الحظر المفروض على مقاتلي المعارضة ومدهم بأسلحة للصمود في وجه تلك التي يستعملها النظام للقضاء عليهم، ومن بينها صواريخ مضادة للطائرات. وطلب رئيس "الائتلاف" معاذ الخطيب من واشنطن تزويد المقاتلين صواريخ باتريوت، ولم تتجاوب، بل قررت امداده بأسلحة سمتها "دفاعية".
ولفتت مصادر رسمية الى "ازدواجية المواقف للدول الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى المجلس، كأميركا وبريطانيا، ففي نيويورك هما مع وقف القتال فورا، اما في اسطنبول فقررتا تسليم المعارضة اسلحة "دفاعية" لاستخدامها ضد ما يوجه اليها من نيران من الجيش النظامي.
ورأت ان الموقف المزدوج للدولتين المذكورتين "لن يساعد على وقف الاقتتال، بل سيزيده ضراوة وسيطمح المقاتلون الى اهداف جديدة في دمشق لانتزاع مؤسسات رسمية ما زالت تحت سيطرة النظام. وتوقعت المصادر ان يؤدي هذا القرار الى مزيد من سفك الدماء السورية والى خراب اوسع في الممتلكات والمصانع ونزوح بأعداد كبيرة وتدمير للاقتصاد والمرافق الحيوية وتفويت الفرصة على اي هدنة يمكن ان تكون فرصة للحوار بين الطرفين المتخاصمين.
واستغربت عدم سعي السلطات الى مواجهة التداعيات السلبية على لبنان، ومن اعراضها، ليس فقط النزوح، بل محاولة فتح جبهة عسكرية بين الدولتين في الهرمل.
صحيح ان المتقاتلين قوتان غير رسميتين، لكن ذلك لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها. ودعت الى التنبه للمخاطر التي تتضاعف يوميا، امنيا سواء على الحدود او في الداخل حيثما يحل بعض النازحين. يضاف الى ذلك بعض الامراض التي ظهرت لدى عدد من الاطفال، كما ان الاعداد الكبيرة للنازحين تسببت بارتفاع الايجارات واسعار المواد الغذائية.
وخلصت الى ان "التشاطر في كسب حقائب وزارية امر تسعى اليه القوى السياسية على اختلاف انتماءاتها، لكن ذلك يجب الا يعفيها من تحمل مسؤولياتها الى جانب الهيئات الرسمية في مواجهة الخطر غير المحدود من الازمة السورية على البلاد".