ذكرت "الاخبار" ان "النزوح الفلسطيني يستمر من مخيم اليرموك في سوريا. وقد بلغ عدد الواصلين إلى لبنان الذين توجه معظمهم إلى مخيم عين الحلوة، نحو 90 في المئة من لاجئي اليرموك، استناداً إلى إحصاءات المفوضية العليا للإغاثة التابعة للأمم المتحدة. وأحصت المصادر اللبنانية حتى اليوم نزوح ما بين 2500 الى 3000 عائلة فلسطينية الى مخيم عين الحلوة وحده، أي ما يوازي 10 آلاف الى 13 الف نسمة".
واوضحت انه "إزاء ذلك، يُحكى عن وصول موفدين من "تنظيم القاعدة" للقاء قياديين في مخيم عين الحلوة، عُرف منهم توفيق طه الملقب بـ"أبو محمد". وأشارت المعلومات الواردة في التقارير الأمنية إلى أن "الوفد بُعث من قيادة التنظيم حاملاً رسالة تدعو إلى رصّ الصفوف، تمهيداً لإعلان النفير لدى اقتراب الساعة الصفر. وعبارة "رصّ الصفوف" هنا حمّالة أوجه؛ إذ إنّ المعلومات المؤكدة، تُشير إلى أنّ "عين الحلوة" لا يمكن أن يكون إلا مصدراً لـ"النصرة"، أي مخزناً للدعم اللوجيستي".
وفي مقابل ذلك، تؤكد معلومات أمنية لبنانية ــ فلسطينية متقاطعة، أن "معسكر مدرسة البهاء، خرّج بالفعل، أول تشكيل قتالي من النازحين الفلسطينيين. وقد ظهر هؤلاء بثيابهم السوداء الموحّدة، لأول مرة، خلال آخر اشتباك وقع في المخيم قبل أيام بين مجموعة بلال بدر، عضو القاعدة والمنخرط في الإعداد لمشروع جبهة النصرة ــ فرع لبنان، وبين عناصر من "فتح". وقد رصد خروج هذا التشكيل الذي قارب عدده الأربعين "جهادياً" بقيادة هيثم الشعبي إلى حي الطيري في المخيم الذي يُعَدّ خط تماس فاصل بين مواقع الإسلاميين و"فتح". ولوحظ اتخاذ العناصر مواقع دائمة لهم في الحيّ، ما يوحي أن من بين المهمات الموكلة إليهم، السيطرة عليه، عبر طرد الفصائل الأخرى غير الإسلامية منه". ويبدو ان "النصرة" تريد أن تكرر في عين الحلوة نفس ما فعلته في مخيم اليرموك بسوريا، حيث طردت الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة منه، ونصّبت نفسها محوراً قيادياً لتحالفات مع مجموعات فلسطينية إسلامية أقل شأناً منها. وبمقارنة بين اندفاعة النصرة الميدانية للسيطرة على اثنين من أكبر مخيمات الفلسطينيين في سوريا ولبنان (اليرموك وعين الحلوة)، وتصريحات زعيم تنظيم القاعدة الظواهري الأخيرة التي ربط فيها، على غير ما هو مألوف في خطاب القاعدة، بين "الجهاد القريب" (في سوريا) والجهاد لتحرير بيت المقدس (العدو البعيد)، يتضح ان القاعدة تخطط للسيطرة على الحراك العسكري للفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان، وهذا ما يجعلها تمتلك أسباب قوة إضافية لإقامة الامارة الاسلامية في بلاد الشام والتي دعا إلى تحقيقها "الآن" هذا الشهر ابو بكر البغدادي امير دولة العراق الاسلامية، وسانده في ذلك الظواهري، فيما تحفظ عن "توقيته" أمير النصرة في سوريا أبو محمد الجولاني. وتكشف معلومات أمنية لـ"الأخبار" أنّ المجموعات السلفية المتشددة تُجري تدريباتها في "بستان اليهودي"، الكائن جنب حي الصفصاف في عين الحلوة.
ويخشى تقدير أمني أنه "إذا استمر استثمار جبهة النصرة العسكري والعقائدي داخل بيئة النازحين الفلسطينيين من سوريا الى عين الحلوة، فسيُخلَق توازن قوى جديد فيه لمصلحة القاعدة على حساب عصبة الأنصار البالغ عديدها نحو 500 مقاتل، التي بدأت في السنوات الاخيرة تنتهج خطاً اعتدالياً. وسيطيح وزن فتح التي رغم تشظي قوتها، الا انها لا تزال تشكل عامل توازن مع القوى السلفية من امثال جند الشام وفتح الاسلام وشقيقاتهما".
وتقول مصادر أمنية إن "مشروع التعبئة العامة لمصلحة جبهة النصرة، يشرف عليه من قبل القاعدة احد قيادييها الميدانيين البارزين ويدعى إحسان المغالي الملقب بـ"أبو حفص". وتقول معلومات أجهزة امنية لبنانية وفلسطينية إن "الأخير أرسل إلى لبنان من تركيا خلال الشهر ما قبل الماضي، وفداً ثلاثياً من القاعدة، لإبلاغ رموز المجموعات المنخرطة في انشاء جبهة النصرة في لبنان، بأن عليها التحضير للحظة وإبلاغهم بتوقيت إعلان أنفسهم تحت اسمهم الجديد، في وقت قريب. وطلب الوفد خلال لقائه بقيادات إسلامية متشددة ان تعمل على تأطير النازحين الفلسطينيين من سوريا عبر فتح معسكرات تدريب لهم وإخضاعهم لتثقيف عقائدي".
وينقل عن وفد القاعدة اعتباره ان "الأوضاع في لبنان تتجه للتصعيد، وأن معركة سوريا قد تحتاج الى انشاء امتداد ميداني لها في لبنان، لأن الصراع سيتفاعل ليصبح شاملاً في المنطقة بين القاعدة وأذرعتها، وبين ايران والنظام السوري وحلفائهما. وعرض الوفد بعض الأسباب التكتيكية التي قد تحتم نقل الصراع الى لبنان، وذلك في اطار تجسيد مشروع نصرة الحراك الجهادي في سوريا، انطلاقاً من لبنان". ومن أبرز الأسباب أن "حزب الله بات يسيطر على 70 بالمئة من القرى على الحدود مع سوريا، وهذا يحرم جبهة النصرة خطاً استراتيجياً لتهريب المقاتلين والعتاد والمواد الغذائية عبره لمصلحتها، ما يضعف موقعها في حسابات جبهتي حمص والزبداني ـــ دمشق". ورأى الوفد ان "تطورات معركة القصير قد تفرض على القاعدة التبكير بالجهاد في لبنان لجعل حزب الله ينتقل من الهجوم لضمان إبعاد المعارضة عن القرى الشيعية على الحدود اللبنانية ـــ السورية، الى الدفاع عن معاقله داخل لبنان، وخصوصاً في الجنوب".
وبحسب معلومات أمنية، فإنه بالإضافة الى المجموعات الفلسطينية المستحدثة في مخيم عين الحلوة، هناك مجموعات في عاصمة الجنوب، ابرزها المجموعة التي يقودها الشيخ ن. ح، وتضم أربعين مقاتلاً معظمهم لبنانيون.