احتفلت الكنائس ذات التقويم الغربي بعيد العنصرة الإلهي، أي عيد حلول الروح القدس على التلاميذ الأشراف، الذين كانوا مجتمعين كلُّهم معاً في مكانٍ واحد والذين كانوا ضعفاء وأصبحوا أقوياء. إنُّه روح الحقّ، إنَّه روح المعلِّم، وإنَّه الروح الذي يُنيرُ ويقودُ كلَّ إنسانٍ في هذا العالم.
مثل هذا اليوم، تغيَّر تاريخ البشريّة، تغيَّر وجه التلاميذ وتغيّر كلُّ إنسانٍ آمن بالآب والابن والروح القدس. مثل هذا اليوم، لقد تحقق وَعدُ الله حسب قول السيّد المسيح بإرساله روحه القدوس لنا؛ لقد عرفنا الرسل الواعظين والمبشرين الذين هم ذاتهم كانوا الخائفين والمنغلقين في العليّة؛ لقد حلَّت النعمة على مَن أصبح نعمةً أخيه الإنسان.
ها هي مداميك وطننا تهتز خوفاً على وحدته، على قراره وعلى استمراره. ها هي طوائفنا تتحد وأخرى تنقسم بهدف تأمين المصالح العامة أم الخاصة. ها هم أطفالنا، رسل الغد، يشاهدون حوارات المجالس وتصريحات المسؤولين. ها هم الجميع بانتظار بداية العهد الجديد ومسيرة الغد الواحدة التي لا نهاية لها.
إنه يومٌ تاريخي في الكنيسة، وهذا ما نتمناه لوطننا لبنان. إنَّه يوم حلول الروح القدس على الرسل، لذا نتمنى أن يحلَّ على المسؤولين اللبنانيين. إنُّه روح الحق الذي أعادنا إلى حقيقتنا، لذا نحن ننتظر أن يعود كلَّ حقٍ إلى صاحب حقِّه. إنَّه روح الحقّ الذي حلَّ عليهم في العليَّة، ها هو نتوسل إليه أنّْ يحلَّ على قادتنا ووطننا. إنًّه الروح الذي أنار العالم بنِعَم الله الخالق ومحبة الابن الفادي والقائم، لذا نرجو منه أن ينير كلَّ ضميرٍ وكلَّ إنسانٍ لبنانيّ يشارك في مسؤوليةٍ وطنيَّةٍ ما.
نعم أيها الروح القدس، نتوسل إليك بعيدك المجيد، أن تحلَّ على وطننا لبنان، أن تمنحنا نعمة الوحدة من أجل أن نكون واحداً كما صلّى السيّد المسيح قبل صعوده إلى السماء وأن نكون رسولاً رافعين راية لبنان وقائلين الحقيقة لنكتمل ونتحِّد بك أنت الطريق والحقّ والحياة.
نعم أيها الروح القدس، هلّم وأشعل قلب كل لبنانيّ بنار المحبة لانتماءه الوطني، وأضرم نورك في ضمائر كلِّ المسؤولين اللبنانيين، وأنر عقول المواطنين للشهادة للحق كما شهد الرسل لقيامة المسيح القائم من الموت بشجاعةٍ وفخرٍ.
نعم، أيها الروح القدس، هبّ نعمة القيادة لقادتنا، هبّ نعمة المحبة للمتخاصمين، هبّ نعمة الصبر للشعب اللبناني وهبّ نعمة وجودك فيما بيننا لنقدِّر كلَّ فردٍ منّا ونساعده على العيش بكرامةٍ.
لذا، تعال واملك على بلدنا لبنان بعيدك المجيد، تعال علينا لنعيش عنصرةً لبنانيةً جديدةً ولبنيَ مستقبل لبنان، مستقبلنا ومستقبل أولادنا وأولاد أولادنا.