ما زالت مدينة القدس المحتلة تتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة هي الأعنف منذ احتلالها في الرابع من حزيران عام 1967، مستغلة الصمت العربي والدولي، من خلال المخططات التهويدية التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ومؤسساتها، فضلاً عن الاعتداءات اليومية المتكررة على المقدسيين، واقتحامات المسجد الأقصى من قبل اليهود بشكل استفزازي لمشاعر المسلمين، بينما يواجه المقدسيون ذلك بمقاومة فلسطينية باسلة للدفاع عن أرضهم ووجودهم ومقدساتهم.
وبين هذا وذاك يرى مسؤولون فلسطينيون أن السلطة الفلسطينية مقصرة تجاه ما تتعرض له القدس المحتلة، في وقت يؤكد آخرون أنها تعمل كل ما بوسعها لأجلها إذ إنّ قضية القدس أكبر من السلطة، وأنّ الأمة العربية والإسلامية هي المقصرة بشكل أكبر تجاه دعمها، والتي تقتصر على الاستنكارات والادانات دون تحرك عربي ودولي جاد وفعال.
تقصير فلسطيني
وفي هذا السياق، يتهم رئيس لجنة القدس والأقصى في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة "حماس" في غزة أحمد أبو حلبية السلطة الوطنية الفلسطينية بالتقصير تجاه ما تتعرض له مدينة القدس من اعتداءات متكررة على سكانها، حاملا بشدة على "سياسات الاحتلال الإسرائيلي التهويدية والتي تهدف لتفريغ سكانها الأصليين منها".
وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح أبو حلبية أنّ "السلطة مقصرة كثيراً تجاه المدينة المقدسة، لأنها تركت ملف القدس في السابق إلى مفاوضات الوضع النهائي مع الاحتلال الإسرائيلي، وسلمت قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك إلى المملكة الأردنية الهاشمية، دون أن يكون للسلطة الفلسطينية دور بارز في الحفاظ عليها وعلى مقدساتها الإسلامية والمسيحية".
ويؤكد أبو حلبية أنّ الحكومة الإسرائيلية تنفذ مخططات خطيرة بحق مدينة القدس تتمثل في تدنيس ساحات المسجد الأقصى على وجه الخصوص بشكل يومي من أجل فرض أمر واقع تسعى لتحقيقه من خلال اقتحامات قطعان المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى.
مخططات تهويدية واعتداءات غير مسبوقة
من جهته، يؤكد محافظ القدس عدنان الحسيني أن المدينة تتعرض لموجة اعتداءات غير مسبوقة، خصوصاً وأن الاحتلال الإسرائيلي يكثف من اجراءاته التهويدية، ويقابل ذلك المقاومة الشعبية التي يقوم بها الفلسطينيون المقدسيون بشكل متواصل للدفاع عن أرضهم ومقدساتهم.
وفي حديث لـ"النشرة"، يشير الحسيني إلى أن هناك معادلة في القدس يزداد فيها عنف وضغط الاحتلال، ومقاومة فلسطينية باسلة مشرفة من قبل المقدسيين الذي يواجهون الاعتداءات بنفس الحجم المقاوم في شوارع وأحياء مدينة القدس المحتلة.
ولا يحمل المحافظ مسؤولية التقصير لما تتعرض له القدس للسلطة الفلسطينية بل للأمة العربية والإسلامية التي يجب عليها ألا تقف مكتوفة الأيدي أمام غطرسة إسرائيل في المدينة، وأن تدعمها بكافة السبل المتاحة. ويقول: "معركة القدس أكبر من السلطة ولا نستطيع أن نحملها المسؤولية كاملة، فهي معركة الأمة والسلطة تحاول أن تدعمها بكافة الطرق المتاحة في إطار الامكانيات المتاحة".
وينبه الحسيني إلى أن إجراءات الاحتلال تطال كل الاتجاهات، حول السكان والمقدسات والوجود الفلسطيني في المدينة، وزيادة النشاطات الاستيطانية، إضافة لعملية التهويد الكبيرة، لافتاً إلى أن هذه سياسة كل المؤسسات الإسرائيلية التي تعمل في نهج واحد وبأساليب مختلفة وبدعم من الحكومة الإسرائيلية.
ممارسات إسرائيلية تصعيدية
في المقابل، يرى المحلل في الشأن الإسرائيلي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس سعيد زيداني أن الممارسات الإسرائيلية في القدس المحتلة ليست بجديدة، بل أنها استمرار لنفس الممارسات السابقة وأكثر، مشيراً إلى أن هناك محاولات حثيثة ومستمرة لتهويد المدينة المقدسة.
ويوضح زيداني، في حديث لـ"النشرة"، أن السياسة الإسرائيلية معروفة منذ زمن، مؤكداً أنها ازدادت هذا العام وأخذت طابعاً تصعيدياً في تطبيقها، من خلال استمرار الاعتداءات واقتحامات المسجد الأقصى فرض القيود على البناء والهدم، وبناء أحياء يهودية جديدة.
ويقرّ المحلل بأن هناك تقصيرا فلسطينيا في دعم القدس، لافتا الى أن المؤسسات الفلسطينية في المدينة هشة ولا يتم تمويلها ودعمها بشكل كاف من قبل السلطة الفلسطينية، أو دول عربية وإسلامية، وهناك مشكلة في هذا المجال.
ويخلص إلى أنّ "القدس لا تحظى بدعم من قبل السلطة الفلسطينية والعرب، وهي تعاني الأمرين وإسرائيل مستمرة في سياساتها ومخططاتها فيها".