عندما بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساعيه الرامية إلى إعادة إطلاق العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قدم له الجانب الفلسطيني رزمة مطالب سياسية تمثلت بوقف الاستيطان وتعريف حدود الدولة الفلسطينية، وأخرى اقتصادية تمثلت في إعادة صوغ العلاقة الاقتصادية المجحفة القائمة مع إسرائيل منذ تأسيس السلطة الفلسطينية قبل عشرين عاماً.
وكشف رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى، الذي تولى تقديم المطالب الاقتصادية لكيري، أن "هذه المطالب تمثل رؤية متكاملة لتطوير الاقتصاد الفلسطيني في المرحلة المقبلة تقوم على تغيير قواعد العلاقة مع إسرائيل، وإطلاق الحرية للفلسطينيين للاستثمار في أراضيهم من دون قيود".
وأوضح مصطفى في حديث أجرته معه "الحياة"، أن "إقامة دولة فلسطينية تتطلب تغيير قواعد العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، كما أن الفلسطينيين بحاجة إلى حرية اقتصادية تمكنهم من مواجهة المشكلات الاقتصادية المتفاقمة المتمثلة في تزايد العجز في الموازنة، والارتفاع المستمر في البطالة، والدين العام".
ولفت الى أن "وضع البطالة مخيف، لدينا 250 ألف عاطل عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، ونسبة البطالة في الفئة العمرية بين 20-24 عاماً تبلغ 40 في المئة. لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع، ولا بد من معالجة الأمور بشكل جذري".
وأشار الى أنه "شرح للوسيط الأميركي أن إقامة دولة فلسطينية تتطلب ضمان الجدوى الاقتصادية، وهذا يقتضي إعادة تقويم العلاقة الاقتصادية القائمة مع إسرائيل على نحو يتيح للشعب الفلسطيني استغلال موارده الطبيعية من مياه وغاز وبوتاس من البحر الميت وغيره". وأضاف: "يجب أن يتاح لنا وبسرعة العمل على تطوير البنية التحتية لللاقتصاد، خصوصاً المواصلات، بحيث يقام مطار دولي في الضفة، ويجري فتح الميناء في غزة، فلا اقتصاد مستقلاً من دون مطار وميناء".
وشدد على "أهمية أن يتاح لفلسطين استيراد الوقود من الخارج"، مشيراً إلى أن "حصر الاستيراد عبر إسرائيل يجعل الطاقة مكلفة جداً، ما يشكل إرهاقاً للمواطن والمنتج". كما شدد على "ضرورة توقف إسرائيل عن جمع الجمارك عن السلع المستوردة من الخارج للفلسطينيين لأنها تستغل ذلك للضغط السياسي، كما أنها تحصل على 3 في المئة من تلك الأموال في مقابل تحصيلها، وهو ما بلغ حتى اليوم 350 مليون دولار".
وأوضح مصطفى أن "القيادة الفلسطينية متمسكة بالمطالب السياسية وغير مستعدة لتقديم تنازلات سياسية في مقابل أي تسهيلات اقتصادية، كما أن من الصعب تحقيق تقدم اقتصادي من دون تقدم سياسي"، متابعا "التنمية الاقتصادية حق للفلسطينيين وليس منة من إسرائيل، فهذه أبسط حقوقنا، زراعة الأرض وإقامة البيت واستخدام الموارد".
ورأى في حال عدم تحقق المطالب الفلسطينية، أن "الوضع الفلسطيني سيكون قاتماً"، مشيراً إلى أن "البطالة تبلغ 23 في المئة، وأن 30-40 ألف خريج جامعي جديد يبحثون كل عام عن فرصة للعمل". وأضاف: "إن خلق فرص عمل أمر بالغ الصعوبة لأن القطاع العام مشبع ولا توجد استثمارات جديدة".