جردة سريعة على التطورات المتسارعة العاصفة بتركيا بعد سوريا معطوفة على نظرة واقعية على ما شهده الاسبوع المنصرم من لقاءات دبلوماسية غير معلنة بين أكثر من فريق معني بالازمة السورية تظهر مدى خطورة الوضع وتؤكد وجود مسعى دولي رفيع المستوى للدخول في تسوية من موسكو وواشنطن تفرض نفسها على الدول الاقليمية والدول العربية والنفطية التي انخرطت بالأزمة السورية بشكل أو بآخر.
وفي حين تبرز التطورات الميدانية على الارض السورية وما خلفته من مشاهد متغيرة، تبقى اللقاءات والاتصالات الدبلوماسية سيدة الموقف، لاسيما تلك التي كشف النقاب عنها على غرار اللقاء الاميركي الروسي السوري الذي عقد في إحدى عواصم أوروبا الشرقية وأدّى إلى غض النظر الاميركي عن سقوط مدينة القصير وريفها، بحسب ما كشفت مصادر متابعة، رجّحت أن يكون اللقاء تركّز على نوعية الأسلحة التي تستخدمها "جبهة النصرة" والتقنيات العسكرية المستخدمة من قبل عناصرها.
في الموازاة، اعتبرت مصادر سياسية رفيعة المستوى أنّ فتح الممر الانساني بين سوريا ولبنان، حيث رصدت حركة كثيفة لنقل الجرحى والمصابين من "الجيش السوري الحر" إلى مستشفيات الشمال والبقاع خلال الساعات القليلة الماضية، جاء بتوافق سوري سعودي، وهي حركة أسّست لها سلسلة اتصالات ولقاءات بين مسؤولين في البلدين، فضلا عن تسريبات سورية تعتبر أنّ نظرة سوريا الى المملكة العربية السعودية هي غيرها بالنسبة لقطر، في اشارة واضحة الى ان الثانية قد ادرجت على لائحة الدول المقدر لها أن تدفع ثمن "الانتصار المعنوي" الذي حققه النظام السوري انطلاقا من القصير، على حدّ تعبير المصادر.
غير أنّ الأبرز يبقى في تطورات تركيا التي تتدرج صعودا الى درجة غير مسبوقة خصوصا بعد ان طلب رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان من انصاره الاستعداد للنزول الى الشارع لاثبات قدرته على مواجهة الشارع بالشارع مع ما يعنيه ذلك من فتح الامور على الاحتمالات كافة بما فيها استغلال حزب العمال الكردستاني للارباكات الحاصلة واعادة تحريك جبهاته الباردة مع حكومة اردوغان، وذلك في ظل الحديث عن اشتباكات عنيفة على الحدود السورية التركية بين الاكراد من جهة والثوار وجبهة النصرة من جهة ثانية.
وسط كلّ ذلك، خلصت المصادر المطلعة إلى أنّ كلّ الأحداث الحاصلة في المنطقة في المرحلة الراهنة تسير على وقع مؤتمر "جنيف 2"، بيد ان السباق المحموم بين الانفجار الشامل والتسوية انتهى لمصلحة الثانية، وذلك بعد ان تحولت الدول المعنية الى اهتماماتها الداخلية ومشاغلها الامنية وشوارعها، خصوصا ان الحديث عن تيارات متصارعة في تركيا والسعودية وقطر يبدو في مكانه الصحيح بدليل الارباكات الحاصلة على مستوى الدول المذكورة، وهذا ما يؤكد صحة المعلومات حول الاتصالات السورية السعودية الجارية برعاية ايرانية روسية، وذلك في توقيت دقيق للغاية يتم فيه رسم خريطة الاحجام والاوزان للتأسيس عليها للعب الادوار المستقبلية بما يفسر رفع السقوف الى درجات لا يمكن الوصول اليها. وتوضح المصادر أنالمعارضة السورية والائتلاف اشترطا على سبيل المثال لا الحصر فك الحصار عن القصير قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات فاذا بالمدينة وريفها تسقط من دون تتحرك الدول الداعمة لهما، بل على العكس فان واشنطن ذهبت الى حد الاعتبار بان معركتها واحدة مع الجيش السوري ضد الارهاب وجبهة النصرة التي تشكل خطرا متساويا عليهما.