انتخاب الشيخ حسن روحاني رئيساً للجمهورية الاسلامية الايرانية التي أرسى مدماكها الامام الخميني ولا تزال عصية على التفتت، كان محل متابعة في لبنان وبلدان المنطقة وترقَّبها رؤساء الدول نظراً الى الموقع السياسي الذي احتلته ايران في الخريطة الدولية.
وانقسم اللبنانيون كعادتهم في التعامل مع هذه الانتخابات التي أوصلت رجلاً معمماً الى سدة الرئاسة الاولى في البلاد، ورأى فيه البعض صورة عن الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، لكن الرجل يبقى ابن النظام وان كان متمايزاً عن رفاق له عملوا معاً تحت مظلة الامام الخميني، ليقدم الايرانيون في النهاية صورة ايجابية عن ديموقراطية شعب وحيويته في "شرق مستبد".
يتابع رئيس مجلس النواب نبيه بري باهتمام مسار الحياة السياسية في ايران، وتربطه علاقات وشبكة اتصالات مع مختلف المسؤولين والتيارات فيها بدءاً من ربان سفينتها المرشد الامام علي خامنئي الذي يحرك بوصلة بلاد فارس باتقان ومن دون خطأ وسط رياح عاتية تهدد هذه الدولة التي تتعرض لعواصف سياسية وعسكرية وتخضع لحصار من الولايات المتحدة الاميركية وبلدان غربية.
قبل ايام من الانتخابات توقع رئيس المجلس أن ينتهي السباق الرئاسي الايراني بين روحاني ورئيس بلدية طهران المحافظ محمد باقر قاليباف.
وما يراه بري ان الذي انتصر في ايران هو المبادئ والقواعد في النظام ولا سيما بعدما ترك المرشد الخيار للناخبين ليختاروا رئيسهم بشفافية، وان "هذا الشعب انتخب الثورة الاسلامية"، وليس الشخص، وهذا الكلام ليس تقليلاً من موقع الرئيس روحاني الذي يمارس دوراً كبيراً في هذه الدولة من خلال علاقته الوطيدة مع خامنئي والذي سبق له ان بنى حجار قواعدها مع الامام الخميني.
وبحسب تفسير بري، فان المشاركة الكثيفة للناخبين تجلت بوضوح من خلال الافادة من "اخطاء التجربة الانتخابية السابقة"، وان الانتخابات عكست وحدة هذا الشعب من خلال تمسكه بحماية النظام وعدم التخلي عن الجمهورية الاسلامية مع التأكيد على التنوع والحرية في الخيارات.
ويعتقد بري ان الاصلاحيين فازوا في هذا الاستحقاق، وفي المقابل لم يخسر الراديكاليون إذ وجد كلاهما الخيار في روحاني.
ويبقى الملف النووي محل اجماع عند الشعب الايراني إذ يضعونه في مرتبة الجنسية بالنسبة إليهم وبات يشكل في الوجدان الفارسي مسألة قومية لا يمكن التخلي عنها بسهولة، وهو الذي تم اطلاقه في عهد خاتمي الذي ساهم في ايصال روحاني الى جانب رفسنجاني وملايين أصوات الايرانيين التي صبّت في مصلحة الرئيس الجديد الذي يعرفه بري جيداً من خلال اكثر من لقاء جمعهما في مجلس الشورى في طهران.
وأمام موجات الغليان بين السنّة والشيعة في بلدان المنطقة على ايقاع المعارك المفتوحة وفوضى الفتاوى وحمامات الدم والقتل في سوريا، يرتاح بري الى المواقف التي اعلنها روحاني حيال المملكة العربية السعودية ومصر، مشيراً الى أن روحاني ضمّن مساحة كبيرة في برنامجه الانتخابي للحوار والتلاقي بين المسلمين ودول المنطقة، فضلاً عن رسالته الطيبة نحو السعودية.
وعلى رغم الخطابات المذهبية المتشنجة التي تلف سماء المنطقة ولا تبشر بخير، لا يزال بري على "ايمانه" بأن السعودية وايران تستطيعان القيام بدور مهم في اطفاء فتيل الفتنة السنّية - الشيعية في المنطقة.