برعاية وحضور وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق، أطلق اليوم "مشروع تعزيز السلم الأهلي في لبنان" التابع لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي والمموّل من الاتحاد الأوروبي "ميثاق الشرف الاعلامي لتعزيز السلم الأهلي في لبنان" في فندق فنيسيا.
وقد شارك في حفل الاطلاق كل من الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي روبرت واتكنز ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة أنجيلينا أيخهورست ورؤساء تحرير ووجوه إعلامية شاركت في صياغة الميثاق بالاضافة إلى مدراء ومسؤولي الوسائل الاعلامية اللبنانية، وبينها "النشرة".
وفي كلمته، أكد واتكنز أنّ وسائل الاعلام تمثل مصدر غنى بارز للتنوع والحوار الاجتماعي الحيوي في لبنان، لافتا إلى أن ما من بلد آخر في المنطقة يتفوّق على لبنان من حيث قوة الاعلام فيه وانفتاحه، مشيرا إلى أن لبنان يحتل مرتبة عالية بين سائر الدول العربية من حيث حرية الصحافة فيه وعدد الصحف والمحطات التلفزيونية ونسبة توافرها للفرد الواحد. لكنه نبّه إلى أنّ مصدر الغنى هذا قد يتحول مصدرا للاضطراب إذا تمّ استغلاله لأغراض تخدم التأثير في النفوس بدل الإعلام، فيصبح أداة للتحريض وتدمير أواصر الثقة بين المجتمعات والعمل ضد مبادئ الصحافة الجيدة. وأشار إلى أنّ تحقيق هذا الانجاز لم يكن سهلا بل تطلّب عملية طويلة ومتأنية تحت رعاية وزير الاعلام، وتنسيقا وثيقا مع مجموعة من المحررين والصحافيين والاعلاميين البارزين.
من جهتها، لفتت أيخهورست إلى أنّ بإمكان وسائل الاعلام الاضطلاع بدور مهم في تغذية النزاعات أو الحؤول دون تفاقمها، كما يمكن أن تساهم في تعزيز السلام عبر دعم المصالحة والاحترام والتفاهم، وأشارت إلى أنّ لبنان يشكل مكانا مميزا جدا لوجود وسائل إعلام حرة ومتنوعة فيه بشكل عام. إلا أنها لاحظت أنّ حرية التعبير تنطوي أيضا على مسؤوليات، "ولسوء الحظ في أوقات تزايد النزاعات والانقسامات، يتم بسهولة التغاضي عن الأصوات المعتدلة ورسائل المصالحة والتحليل البناء". وإذ لفتت إلى أن وسائل الاعلام في لبنان تميل إلى أن تعكس تعقيدات مجتمع تتعايش فيه التعددية السياسية مع الانقسامات الطائفية والاقتصادية والاجتماعية، أعلنت أن الاتحاد الأوروبي قرر أن يدعم بقوة المبادرات الهادفة إلى الخروج من الانقسامات الحالية وليس تعميقها وتعزيز النقاش البناء والتماسك الاجتماعي.
أما وزير الاعلام وليد الداعوق فاعتبر أنّ "هذا اليوم يجب أن يحفر بأحرف من ذهب في سجلّ الاعلام اللبناني"، لافتا إلى "أنها المرة الأولى التي يصار فيها إلى توافق طوعي من قبل الاعلاميين أنفسهم" على ميثاق شرف اعتبره "إنجازا من حيث منطلقاته ومبادئه ومواده وروحيته وأهدافه". وشدّد على أن الأهم من النصوص هو الالتزام بما تمّ التوافق عليه، داعيا الإعلاميين إلى تبني الوثيقة وترجمتها على أرض الواقع نهجا دائما في عملهم اليومي وفي تعاطيهم مع الأخبار والمعلومات بما يكرس حرية التعبير كخيار أول وبما يحصّن مهنتهم ويجنبها المنزلقات والأخطاء وبما يساهم في تعزيز السلم الأهلي في أجواء حوارية هادئة وراقية تكون المنطلق الأساسي في المقاربات السياسية.
وأكد الداعوق أن حرية التعبير هي من المقدّسات، ولولاها لما كان للبنان وجود أو معنى، معلنا أنه سيظل في موقع المدافع عن هذه الحرية، وسيكون دائما في الخط الأمامي إلى جانب الاعلام لكي يبقى حرا بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وإلى أقصى الحدود، ما دام هذا الاعلام حضاريا، راقيا ومسؤولا ويضع المصلحة الوطنية في أولويات اهتماماته وفوق كل اعتبار. وشدّد على أهمية أن تترافق مع هذه الخطوة الجريئة إجراءات عملية يتخذها الاعلاميون أنفسهم من خلال انتخابهم لما يشبه مجلسا تأديبيا يعطى الصلاحيات الكافية لمحاسبة كل إعلامي يخل بالمعايير المعتمدة في الميثاق، وأكد أن وزارة الاعلام ستكون بالمرصاد لجميع من تسول لهم نفسهم بالتطاول على حق الاعلاميين في القيام بمهامهم بكل إباء وشرف وكرامة وحرية، "هذه الحرية التي لا يمكن المساومة عليها أو التنازل عنها كونها حق مقدس من الحقوق التي كفلها الدستور".
بعد ذلك، تمّ استعراض لأهم بنود الميثاق الذي يتألف من 18 مادة يتصدرها احترام سيادة القانون والتزام العمل على تأكيد الوحدة الوطنية والعيش المشترك ورفض مبادئ التمييز العنصري والتعامل بمهنية ومسؤولية اجتماعية في التغطيات الحية ومشاهد العنف والتأكد قبل بث أسماء الضحايا أو المصابين أو المنكوبين أن ذويهم على علم بما تعرضوا له وتأكيد الحق في الوصول إلى المعلومات والامتناع عن اعتماد وسائل غير شرعية في الحصول على الأخبار وممارسة أقصى درجات الموضوعية في نسب المواد التي تنشر إلى مصادرها والتزام الدقة والموضوعية عموما وغيرها من المبادئ. وقد وقع ممثلو وسائل الاعلام الالكترونية والمكتوبة والمرئية والمسموعة على الميثاق في نهاية اللقاء.