فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية
العماد ميشال سليمان المحترم
تحية وبعد،
بداية نتقدم من فخامتكم بخالص آيات الشكر والتقدير للجهود التي بذلتموها في متابعة تطورات الأوضاع الأمنية في مدينة صيدا لحظة بلحظة في ظل الأحداث المؤسفة التي عاشتها المدينة مؤخراً، وعلى تجاوبكم الدائم مع رغبة وارادة ابنائها في قيام وتعزيز دور الدولة القادرة والعادلة وفي إحلال الاستقرار في مدينة صيدا.
فخامة الرئيس،
على أثر الاعتداء على الجيش والأحداث الأليمة التي حصلت يومي الأحد 23 والاثنين 24 حزيران 2013 في منطقة عبرا وامتدادها إلى أكثر من منطقة في المدينة فإن المدينة تشهد حالياً حالة من تصاعد القلق والمخاوف حيال بعض الوقائع والممارسات التي تسجل في المدينة ومحيطها والتي نضع نبذة عن بعض منها بين ايديكم:
• الملاحقات والتوقيفات العشوائية بحق عشرات الشبان والقيام بالمداهمات التي تطال اماكن سكنية خلافاً للأصول القانونية إضافة إلى ثبوت قيام مجموعات مسلحة بتوقيفات وتحقيقات مما يثير الغضب والذعر والرعب في صفوف المواطنين ويؤدي بالتالي الى التسبب بنقمة شعبية عارمة ولاسيما أن ذلك يترافق مع القيام ببعض الملاحقات لأشخاص لا اشكال عليهم ولم يشاركوا في اية اعمال تتصل في المشكلة التي حصلت لا من قريب أو بعيد.
• عودة بعض المجموعات المسلحة التابعة لحزب الله وما يسمّى بسرايا المقاومة وبعدد أكبر من السابق مع كامل سلاحهم وعتادهم الى شقق ومكاتب لهم في منطقة عبرا ومحيطها.
• ظهور كثيف للسلاح بأيدي المجموعات التابعة لحزب الله وسرايا المقاومة وحلفاء الحزب في صيدا استناداً إلى تصاريح حمل اسلحة معطاة لهم.
• رفع الأعلام والرايات الحزبية في اكثر من منطقة وحي في مدينة صيدا بطريقة استفزازية.
فخامة الرئيس،
بناء عليه، فإننا نتقدم من فخامتكم، بصفتكم رئيساً للدولة وحامياً للدستور، وحاملاً لأمانة الحفاظ على السلم الأهلي والعيش المشترك وعلى حقوق وكرامة المواطنين اللبنانيين، بهذه المذكرة متمنين على فخامتكم اعطاء توجيهاتكم والإيعاز إلى من يلزم من اجل تحقيق ما يلي:
أولاً : في موضوع التحقيق والملاحقة :
1- في وجوب إحالة ملف أحداث صيدا – عبرا إلى المجلس العدلي
حيث أن الأحداث التي عصفت بصيدا من شأنها أن تهدد السلم الأهلي والأمن الداخلي للوطن
وحيث أنّ هذه الأحداث تحمل آثاراً ومخاطراً على مستوى كلّ الوطن
وعليه فإنّنا نرى ضرورة إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي أصولاً وبأسرع وقت ممكن .
2- في ضرورة قيام مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالتحقيق شخصياً في أحداث صيدا – عبرا ريثما يحال الملف إلى المجلس العدلي
نظراً لطبيعة الأحداث وخطورتها من جهة وحفاظاً على حقوق وكرامات الناس من جهة مقابلة ، وعملاً بأحكام أصول المحاكمات الجزائية فإنّنا نرى أن يصار إلى ما يلي :
- أن يتولى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية التحقيق شخصياً بملف أحداث صيدا – عبرا ليتناول التحقيق الأسباب والمسببات الحقيقية والجوهرية التي أدت إلى حصول هذه الأحداث وأن يتناول أيضاً جميع الجهات المشاركة في هذه الأحداث على اختلاف إنتماءاتهم الحزبية والسياسية وكذلك تحديد هوية جميع الأشخاص الذين سقطوا من المسلحين وكذلك الجرحى من هؤلاء .
- أن تضع الأجهزة المعنية المختصة لائحة محددة بأسماء الأشخاص الملاحقين وتحديد دورهم في تلك الأحداث
- عدم التوقيف العشوائي لمجرد كون الشخص المعني كان مؤيدا للشيخ أحمد الأسير او أنه كان يتردد الى مسجده.
- عدم التوقيف على اساس الالتزام الديني او على اساس الشكل (اطلاق اللحى).
فخامة الرئيس،
أنتم الأكثر دراية وعلماً أنّ كل ما قد يصدر من اخطاء من قبل العناصر المولجة بالتحقيق يطال بالسوء صورة الدولة التي يجب عليها ان تتصرف كأب لكل اللبنانيين وذلك بشكل عادل ومتساوٍ ودون اي انحياز أو تمييز.
ثانياً - في موضوع المظاهر والممارسات المسلحة، نرى ضرورة الالتزام والتنفيذ الفوري:
• بإخلاء واغلاق كافة الشقق والمكاتب التي تستخدم من قبل المجموعات المسلحة في منطقة عبرا ومحيطها وفي كل حي من احياء المدينة. وعدم السماح بأن يكون هناك اي سلاح فيها غير سلاح المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية.
• بمنع المظاهر المسلحة على اختلافها في كافة احياء وشوارع صيدا ومحيطها وسحب وعدم اعطاء اية تراخيص حمل اسلحة لأية جهة كانت في المدينة.
• وقف رفع الأعلام والرايات الحزبية في مختلف احياء ومناطق صيدا ومحيطها ومنع اية ممارسات استفزازية من اي فريق كان، وملاحقة المخالفين والمخلين بالأمن.
فخامة الرئيس،
نتوجه إليكم بهذه المذكرة وكلنا ثقة بأنكم ستتجاوبون معها لجهة التزام المعنيين بتنفيذ بنودها. فأنتم وعلى رأس جميع اللبنانيين تعلمون أن الاستقرار والطمأنينة يكون عبر العدل والتوازن في الحكم والأحكام.
ان سكان وأهالي مدينة صيدا رغم كل التجارب العصيبة التي مرّت عليهم حرصوا دائماً على الوقوف إلى جانب الدولة ومؤسساتها، وخاصة الأمنية منها ومن حقهم ان يطالبوا الدولة ومؤسساتها بالتصرف في المدينة بعدل ومن دون تمييز مع الالتزام بالتطبيق الحازم بالقانون واحترام حقوق الإنسان واعتماد المعيار الواحد وليس المعايير المزدوجة.
فسكان مدينة صيدا الذين يفخرون بانتمائهم بالانتماء اللبناني وبالالتزام بتطبيق القانون يشعرون ان هذه الإجراءات التي تطبق بحقهم هي إجراءات غير عادلة وهي لا تطبق بحق الآخرين الشركاء في الوطن. ان هذه الممارسات تؤدي ولا شكّ إلى تأسيس لحالات احتقان لا مصلحة للبنان ولا للبنانيين على مختلف انتماءاتهم فيها.
مع صادق المودّة.