كما هو الحال دائماً، ينعكس الخلاف السياسي إسقاطاً على النصوص الدستورية وتكثر الإجتهادات والتفسيرات حول بعض المواد والنصوص والصلاحيات، ولكن الأمر يبقى أولاً وأخيراً سياسياً بإمتياز، وينتفض البعض بين الحين والآخر لحماية الصلاحيات والنصوص الدستورية عندما لا تتوافق مع توجهاته ومصالحه السياسية، والمحصلة دائماً ضياع مصالح المواطنين، وعليه فقد طارت الجلسة التشريعية التي كانت مقررة أمس إلى ما بعد إسبوعين علّ وعسى يحصل التوافق الذي يتحكم بمصير كل المحطات المفصلية في البلاد.
الجلسة
كما كان متوقعاً، لم تنعقد الجلسة النيابية التشريعية العامة بسبب معارضة معظم الكتل النيابية لها لمخالفتها الدستور في ظل إستقالة الحكومة، وفق رأي هذه الكتل، وهو ما دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إرجائها إلى أيام 16 و17 و18 من الشهر الجاري بسبب عدم إكتمال النصاب، لكن بذات جدول الأعمال.
وأعلنت رئاسة المجلس في بيان أنه "بسبب عدم إكتمال النصاب أرجأ رئيس مجلس النواب الجلسة العامة للمجلس التي كانت مقررة اليوم (أمس) وغداً (اليوم) وغد إلى أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس المصادفة في 16 و17 و18 تموز الحالي لمناقشة وإقرار ذات جدول الأعمال الموزع".
وأشارت مصادر نيابية إلى أن "رئيس مجلس النواب نبيه بري سيواظب على الدعوة لعقد جلسة تشريعية عامة حتى ولو لم يكتمل النصاب"، مذكرة بعبارة "ذات جدول الأعمال" التي أرفقت مع بيان تأجيل الجلسة.
وذكرت المصادر بكلام برّي عن "القصور في الفهم القانوني والدستوري لدى بعض السياسيين، ما يستدعي فتح مدرسة لهؤلاء من أجل إعطائهم دروساً في القانون والدستور".
ميقاتي: يجب حصر التشريع خلال تصريف الأعمال
وكان الرئيس نجيب ميقاتي أعلن عقب لقائه بري، "رفضه عقد جلسة تشريعية بجدول أعمال موسع في ظل إستقالة الحكومة".
وأكد أن "التشريع يجب أن يكون محصوراً في الأمور الضرورية خلال تصريف الأعمال"، موضحاً أنه "مع جلسة مخصصة للأمور الضرورية، وليس أن يكون جدول الأعمال كاملاً ومتكاملاً".
حسن خليل: لا مصلحة بإسقاط دور مجلس النواب
وفي رد على موقف ميقاتي أكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أن "لا مصلحة لأحد في إسقاط دورالمجلس النيابي، وفرض شروطه عليه خلافاً للقواعد الدستورية التي تعطيه حق التشريع".
ورأى أن "البعض يكرر ومن بينهم الرئيس نجيب ميقاتي الكلام الذي تجاهل كل حقوق المجلس النيابي التشريعية الذي لم يكن يوماً يحكم بفتاوى غب الطلب".
فتوش: نحن أمام إغتصاب دستوري
كما رأى وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال نقولا فتوش أننا "أمام إغتصاب دستوري واضح بسبب مقاطعة فئة من الزملاء الجلسة النيابية العادية"، مشدداً على أن "المادة 69 من الدستور هي الواجبة التطبيق عند إستقالة الحكومة"، معتبراً أنه "لا يحق لرئيس الجمهورية ولا للحكومة فتح دورة إستثنائية للمجلس النيابي".
وإعتبر فتوش، في مؤتمر صحفي، أن "ما حصل اليوم هو إعتداء على مبدأ فصل السلطات"، سائلاً: "إذا لم تحضر الحكومة جلسة نيابية هل يمنع على المجلس التشريع؟".
فتفت: بري ليس حيادياً
ولفت عضو كتلة "المستقبل" أحمد فتفت إلى أن "الرئيس بري ليس معتدلاً وهو رئيس 8 آذار وملتزم بالسلاح".
وقال فتفت:"ما جرى اليوم هو إحترام للدستور وليس لرئيس المجلس، نريد جلسة ضمن الأطر الدستورية ولسنا ضد التمديد لقائد الجيش ونريد التمديد لكل القادة الأمنيين".
بدوره، أشار عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب غازي زعيتر إلى أن "البعض من هؤلاء (الفريق الآخر) لا يريدون لملمة الشمل، وكأنهم شربوا حليب الفتنة منذ نعومة أظافرهم، والتاريخ سيسجل للرئيس بري إعتداله".
ولفت إلى أن "هيئة مكتب مجلس النواب مكونة من 5 أعضاء من الفريق الآخر، وأقر جدول الأعمال وموعد الجلسة".
وأكد أن "الرئيس بري لا يغير مواقفه من أجل صوت من هنا أو نعيق من هناك".
أما النائب هاغوب بقرادونيان فقال: "ليس هناك من أمور ضرورية وأخرى غير ضرورية، وكل المواضيع مهمة ونرفض أن نشارك في عملية خلق فراغ في مجلس النواب ونتسبب نحن في ذلك".
شهيب: المسألة ليست دستورية وإنما سياسية
وشدد عضو "جبهة النضال الوطني" النائب أكرم شهيب على أنه "كان يتمنى أن يكون الجميع موجوداً خصوصاً بعد إجتماع هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها الذين وافقوا على جدول الأعمال".
وقال شهيب، بعد لقائه الرئيس بري: "كنا نتمنى أن يستمر العمل لحفظ السلم الأهلي، وكان من المفروض ألا تتعطل الجلسة، خصوصاً أن هناك إستحقاقات، ومنها الحفاظ على الجيش ودوره في حفظ الأمن"، معتبراً أن "المسألة ليست دستورية وإنما سياسية".