هل أرسى رئيس مجلس النواب نبيه بري معادلة سياسية جديدة عندما نعى فريق الثامن من آذار؟ أم أن هناك إعادة ترتيب للتحالفات والمواقع ورسم خارطة جديدة للقوى السياسية؟
على الرغم من إعتبار الرئيس بري أن"هذا الأمر سوف يساهم في تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام"، تشير مصادر سياسية متابعة إلى أن "التفاوض سيكون في المرحلة المقبلة على أساس حجم الكتل البرلمانية، ما يعني أن الحصة الوزارية قد ترتفع من الناحية العددية لتتجاوز ما يسمى بـ"الثلث الضامن"".
وتقول مصادر سياسية رفيعة في قوى الثامن من آذار، تعليقاً على نعى بري:"هناك حلف جديد يتبلورعلى خارطة القوى السياسية، ينطلق من مشروع تلاقي مصالح في هذه الفترة الوطنية العصيبة، عرّابه الرئيس بري ويضمّه إلى النائب وليد جنبلاط و"حزب الله" و"حزب الطاشناق" والنائب سليمان فرنجية بالإضافة إلى الرئيس أمين الجميل".
وعن موقع النائب ميشال عون من هذا الحلف، تجيب المصادر:"باتت للعماد عون حساباته الخاصة، وهو يبحث عن تموضع جديد يكون فيه على مسافة وسطية بين السنّة والشيعة، وهذا التموضع الجديد لعون يدخل ضمن رؤية مسيحية مشتركة متفق عليها مع كل من البطريرك الماروني مار بشارة الراعي والرئيس ميشال سليمان للوقوف على مسافة واحدة من المشروعين المتصارعين في المنطقة".
ويرى زوار عين التينة أن بري نعى فريق الثامن من آذار بعدما تأكد أن فريق الرابع عشر من آذار لم يعد كما كان قبل الحرب السورية، بل تحول إلى مجموعات سياسية لا يربط بينها سوى مصالح إقتصادية وسياسية تكتيكية، قابلة للتفكك والإنحلال في ظل التحولات الإقليمية والعربية والدولية على حد سواء، بما يعني أن المطلوب للمرحلة المقبلة هو الإنتقال التدريجي إلى الخطوط الوسطية والتكتلات والشخصيات المستقلة التي لم تنغمس في الحرب السورية، ولم تشكل طرفاً فيها على غرار رئيس "الكتلة الشعبية" النائب السابق إلياس سكلف في زحلة، أو تيارالنائب ميشال المر في المتن، أو رئيس "التنظيم الشعبي الناصري" النائب السابق أسامة سعد في صيدا.
وترى مصادر سياسية متابعة أن "نعى بري ربما يتعدى مروحة التحالفات السياسية، ليصل في أبعاده إلى التحولات الإقليمية برمتها، بعد أن تحول لبنان إلى نقطة تقاطع إستراتيجي بين الدول الكبرى في ظل وقوفه على عتبة نادي الدول النفطية، ومن خلالها إلى جزء لا يتجزأ من المنظومة الإقليمية التي بدأت تشهد تحولات كاملة بدءاً من قطر، مروراً بمصر وليس إنتهاء بالمملكة العربية السعودية أو تركيا التي تقف على أبوأب التغيير، ناهيك عن المتغيرات السياسية التي بدأت منذ أيام في سوريا من خلال إبعاد الفريق البعثي المتورط في الحرب الدائرة هناك، وإستبداله بوجوه جديدة قادرة على إحداث الفرق والجلوس إلى طاولة مفاوضات بعيداً عن إتهامات من هنا أو هناك".
في المقابل، تبرز تسريبات تتحدث عن التقارب الإيراني السعودي حول ملفات سوريا ولبنان بشكل خاص والخليج العربي بشكل عام، بما يتطلب مشهد سياسي وتحالفي مغاير في التحالفات الداخلية للدول المذكورة، بحيث يتم العمل على تظهير توازنات جديدة تتماهى مع خريطة الطريق الدولية المعدة للمرحلة المقبلة التي تتسم بعودة الثنائية الدولية.
وفي سياق متصل علمت "البلد "من مصادر مقربة من "حزب الله" أنّ "العلاقة لا تزال متينة بين الحزب والعماد ميشال عون، رغم كل ما حصل وأن التحضيرات قائمة لعقد لقاء يجمعه بالسيد حسن نصرالله".
ولفتت المصادر إلى أنّه "يتم العمل على إنجاز هذا اللقاء في وقت قريب، لكن ليس قبل التأكد من أنّ نتائجه ستكون ناجحة".