رغم بساطة البناء وعدم وجود الزخارف والنقوش، يعتبر المسجد المنصوري الكبير في طرابلس أهم مركز ديني، من حيث اتساعه وموقعه في وسط المدينة القديمة، كما يشكل محطة سياحية مهمة لكل زائر إلى المدينة المملوكية الثانية في العالم بعد القاهرة.
جدل بين المؤرخين بعد 700 عام على بنائه
مضى على بناء المسجد المنصوري الكبير اكثر من سبعمائة عام، ومنذ ذلك التاريخ ما زال هذا الصرح يشكل مادة جدل واسعة بين المؤرخين، فبحسب احد المؤرخين، انه يتميز ببساطة البناء ومظهره العام لا يدلّ على عناية فائقة ببنائه، فجدرانه كلها مغطاة بطبقة من الجير. وعلى واجهة الأروقة الشمالية المطلّة على الصحن، هناك ساعة شمسية لتحديد موعد الأذان.
أنشأ المسجد المنصوري الاشرف خليل بن قلاوون وهو من اكبر جوامع طرابلس ولبنان على الاطلاق، وذلك في العام 693هـ/ 1294م في محلة النوري. يتميز بفنائه الخارجي وله أربعة أبواب، اثنان في جهة الشرق، وواحد في جهة الغرب، وواحد في الجهة الشمالية وهو الأكبر والمزخرف ويحمل الكتابة التاريخية، وفوقه المئذنة ذات الطبقات الأربع، المغربية الطراز. وللجامع محرابان: كبير وصغير، ومنبر خشبي بأشكال هندسية نادرة.
وفي وسط باحة الجامع حوض الوضوء والمصلّى تعلوه قبة من الحجر الرملي. وعند الباب الغربي من الخارج برج دفاعي للحماية. وتحت الرواق الغربي غرفة الأثر النبوي الشريف حيث توضع شعرة من لحية الرسول يزورها المؤمنون في شهر رمضان من كل عام.
أعمال ترميم تعيد تنشيط السياحة الدينية
وشهد المسجد خلال السنوات الماضية عدة ورش ترميم، كان اهمها ورشة البناء التي رعتها النائب بهية الحريري حيث تم ترميم المسجد بشكل كامل، الامر الذي ساهم في اعادة تنشيط الحركة السياحية الدينية لا سيما ان المسجد يعتبر مقصدا لكل السواح العرب والاجانب لما يمتلكه من خصوصية نادرة في العالم العربي، فهو يقع في وسط طرابلس القديمة حيث الاحياء والاسواق وله باب يطل على سوق العطّارين حيث كانت الروائح الذكية تنبعث في السوق لتصل الى المصلين، وباب اخر يربط الاحياء القديمة ببعضها البعض، اضافة الى مدخل يؤدي الى قلعة طرابلس الشهيرة.
وحتى يومنا هذا يشكل مسجد المنصوري الكبير صلة ربط بين العائلات والجيران حيث يلتقون عند كل اذان، اضافة الى قاعات كبيرة مخصصة لتلاوة القرآن ومشايخ يعلّمون الاطفال التجويد وتفسير احكام القران.
ما زال مسجد المنصوري الكبير من اهم المراكز الدينية الاسلامية في طرابلس حيث يستقطب وقت الصلاة المئات من مناطق خارج طرابلس، نظرا لاهمية المسجد التاريخية وموقعه الديني عند المؤمنين.