هي "المعجزة" وحدها القادرة على ما يبدو أن "تنتصر" على مشهد "الفراغ" الذي بات يشلّ البلد، على كلّ المستويات عن سابق تصوّر وتصميم..
هكذا، تبدو الحكومة "السلامية" بانتظار "معجزة" لتبصر النور، وهي التي لا تكاد تعتقد أنها "انفرجت" أمامها حتى "تنفجر" من جديد، ليتبيّن من كمية "الفيتوات" و"الشروط المضادة" أن هناك اتفاقا "سريا" بعدم تشكيلها، أو أقله أن هناك "قطبة مخفية" تجعل "العرقلة" تتفوّق..
وإذا كانت السلطة التنفيذية بانتظار "معجزة" لتعود إلى "الحياة"، فإنّ السلطة التشريعية لا تبدو أفضل حالا، وهي التي ربطها "المشرّعون" بالحكومة، ما يجعلها "معلّقة" على "المعجزة" نفسها، فالمجلس النيابي الممدّد لنفسه لم يقم عمليا بأيّ شيء منذ تمديده لنفسه، بذريعة أن ذلك "مخالف للدستور"، في بلد بات فيه "الالتزام بالدستور" هو "الشاذ عن القاعدة"..
هو "الفراغ" إذا وقد شلّ البلد كله، بعد أن امتدّ من السلطة التنفيذية إلى التشريعية بقدرة قادر، ويهدّد بالامتداد أكثر وأكثر كـ"الفيروس"، وصولا حتى إلى المؤسسة العسكرية لا سمح الله، مع ما يمكن أنه يحمل ذلك من معان ودلالات "كارثية"، دون أدنى شك..
سلام "عاتب".. وبري يتهم الفريق الذي انطلق منه بالتعطيل!
لم يطرأ جديد خلال عطلة نهاية الأسبوع على ملف تأليف الحكومة التي لا يبدو أنّ أحدا يريدها أن تتألف. مطالب القوى السياسية بقيت نفسها، وإن قالت قوى الثامن من آذار أنها تخلت عن مطلب "الثلث الضامن" بعد أن بات أفرقاؤها يفاوضون كلّ عن نفسه وبمعزل عن الآخر. الشروط التعجيزية بقيت هي الأخرى نفسها، وفي مقدّمها رفض قوى الرابع عشر من آذار مشاركة "حزب الله" في الحكومة، ولو وجدت "مخرجا" لذلك بـ"مساواة" نفسها بمبدأ "الاستثناء" على قاعدة "من ساواك بنفسه ما ظلمك".
كلّ ذلك لا ينفع. الصورة العامة لا تزاد رمادية مائلة إلى السواد، والحكومة لن تبصر النور في المدى المنظور على ما يبدو. رئيسها تمام سلام لا يبدو متفائلا على الاطلاق، وهو أوصل "عتبا" إلى من يعنيهم الأمر، بقوله أن "لا أحد يتحدث إليه باستثناء الناس الذين وحدهم يعطونه الدفع والزخم للاستمرار في مساعيه". وفيما أوضح سلام أنه ينتظر مرحلة "تحسين الشروط والمواقع" لدى كل فريق ليتراجع الجميع عن سقوفهم العالية لأن السقوف العالية تزيد التشرذم وتعوق اي توافق، كشف أنّ التواصل مع القوى السياسية "بطيء جدا"، بل إنّ الوتيرة التي تسير بها الأمور "غير مشجّعة".
وإذا كان سلام تجنّب توجيه "الاتهام" إلى فريق محدّد بشكل مباشر بالعرقلة، فإنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي حرص على تأكيد استمرار مساعيه لتسهيل التأليف، وجّه أصابع الاتهام بـ"التعطيل" إلى قوى الرابع عشر من آذار دون أن يسميها، وذلك بقوله لـ"النشرة" أنّ الفريق الذي يعطّل التأليف هو الفريق الذي انطلق منه رئيس الحكومة المكلف، رافضا الكلام عن تأخره في تسليم أسماء المطروحين للتوزير لرئيس الحكومة المكلف تمّام سلام، موضحا أنه إعتاد طيلة السنوات الماضية على تسليم الأسماء لحظة اعلان المراسيم، اي في آخر لحظة بعد انتهاء رئيس الحكومة المكلّف من توزيع الحقائب وتسلم الأسماء من القوى السياسية.
أسلحة وذخائر وصواعق في عرسال!
وبعيدا عن الهمّ الحكومي، بقي الهمّ الأمني في صدارة الاهتمام، في ظلّ المخاوف "المشروعة" التي يعبّر عنها القوى السياسية بوجود شيء ما "يدبّر" للبنان، وهو ما أقرّ به رئيس المجلس النيابي نبيه بري بقوله لـ"النشرة" أنّ الوضع الأمني يهتزّ "كلو سوا" وتشديده على وجوب أن يشكل ذلك حافزا للاسراع بتأليف الحكومة. وفي هذا السياق، برز ما أعلنته قيادة الجيش اللبناني عن توقيف سيارة بيك أب في عرسال محمّلة بكمية من الأسلحة والذخائر الحربية الخفيفة والرمانات اليدوية ومجموعة من الصواعق وآلتي تفجير عبوات عن بعد، فيما أفاد مراسل "النشرة" أنّ الجيش ألقى القبض على خمسة أشخاص على طريق عام مقنة – بعلبك هم من العناصر التي لها مسؤوليات مهمة بإطار "جبهة النصرة"، وعثر مع كل من الموقوفين على خمسة آلاف دولار اميركي وأعتدة، إضافة الى عصب للرأس واليد تحمل شعار "جبهة النصرة".
وفيما أعادت هذه المستجدّات الهاجس الأمني إلى الواجهة، لفت ما ذكرته صحيفة "النهار" عن "اتفاق سري" جرى بين دولتين غربيتين من جهة ودولة خليجية مؤثرة من جهة أخرى، لرعاية الوضع في لبنان قبل تفاقمه لان المعلومات المتوافرة لدى تلك الدول تفيد أن جهات متطرفة تسعى الى إغراق لبنان في وحول الاقتتال المذهبي بعدما توسعت شظايا الأزمة السورية الى اكثر من منطقة.
وسط ذلك، عادت قضية المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز إلى الضوء مع خروج الخاطفين إلى الضوء مجدّدا ببيان "صدم" أهالي المخطوفين، خصوصا لجهة رميه للطابة مجددا في ملعبهم من خلال مطالبتهم بالضغط على "حزب الله" لوقف قصف الريف الشمالي حفاظاً على سلامة المخطوفين، وان تسارع دمشق الى اطلاق معتقلات من المعارضة السورية لمبادلتهن بالمخطوفين، وهو طلب استغربه الأهالي باعتبار أنه الحزب ليس أصلا "طرفا" في المفاوضات الجارية والتي ينشط على خطها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم المكلف من الدولة اللبنانية بمتابعة هذا الملف. وقد رد الشيخ عباس زغيب، المكلف من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بمتابعة ملف المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، على البيان الصادر عن ما يسمى "لواء عاصفة الشمال"، مؤكداً أن ليس لـ"حزب الله" أو لإيران أي علاقة في مسألة التفاوض التي تتم بين النظام والجهة الخاطفة، مشيراً إلى أن المماطلة سببها الجهة الخاطفة التي أعطت اللوائح على دفعات، وحمّل الشيخ زغيب مسؤولية عودة المخطوفين سالمين إلى لبنان إلى الحكومة التركية، مشيراً إلى أن أي سوء يتعرضون له لأهلهم الرد بالطريقة التي يرونها مناسبة.
كلمة أخيرة..
رغم الهدوء النسبي والحذر الذي يسود الساحة اللبنانية منذ بدء شهر رمضان المبارك، فإنّ المؤشرات لا توحي بالخير والبركة التي تمناها اللبنانيون لبعضهم مع بدء الشهر الفضيل، ولا بأنّ المخططين لإغراق البلاد في مستنقع الوحول الشرق أوسطية سيستفيدون من الشهر الفضيل من أجل "التوبة" وطلب "الغفران"..
وإذا كان الوضع الأمني على هذه الشاكلة، وهو الذي يهتزّ "كلو سوا"، فإنّ المطلوب من الطاقم السياسي "التحرّك" فورا للمعالجة بدل الاكتفاء بـ"البكاء على الأطلال" على جري العادة، و"التحرّك" هنا لا يمكن أن يقتصر على البيانات الانشائية، بل يجب أن يشمل خطوات عملية تمنع تكريس "الفراغ"..
الكرة هي في ملعب السياسيين، كلهم من دون استثناء، وواجبهم أن يغتنموا الفرصة للصالح العام، لا أن يتقاذفوها ويتبرأوا من المسؤولية كالعادة!