وصفت المعارضة المصرية تجربة حكم الرئيس محمد مرسي بالفشل والاستبداد وتهميش الفئات الأخرى ومحاولة "أخونة" الدولة وتعريض أمن مصر القومي لأخطار كثيرة. هي تهم كبيرة كانت مبرّراً كي يقوم وزير الدفاع قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بانقلاب عسكري على الرئيس مرسي، مدعوماً بتظاهرات مليونية من المعارضة، وبغطاء سعودي – إماراتي صريح وتواطؤ أميركي ضمني.
لكن تأثير خلع مرسي لم يقتصر على الشارع المصري فحسب، بل له تأثير واضح على مجمل الدول العربية، وبخاصة على سوريا. فبعدما أعلن مرسي قطع العلاقات مع سورية وإقفال سفارتها في القاهرة، إرضاء للسلفيين ولدول خليجية، وبضغوط من الشيخ يوسف القرضاوي، مهدداً بمساعدة المعارضة السورية المسلحة عسكرياً، وهو إعلان إعتبره الجيش المصري تجاوزاً للخط الأحمر، وتهديداً للأمن القومي المصري.
المعارضة السورية في الخارج، وخصوصاً الإخوان المسلمون، يشعرون بتأثير هذا التغيير في مصر على وضع المعارضة سياسياً وعسكرياً ونفسياً. وأولى انعكاسات هذا التغيير خسارة مرشح الإخوان المسلمين وقطر في انتخابات الائتلاف الوطني للمعارضة السورية وفوز المرشح المدعوم من السعودية، شيخ عشيرة شمَر احمد العاصي الجربا برئاسة "الائتلاف"، على منافسه مصطفى الصباغ الذي تدعمه قطر، وخروج الأخير من الأمانة العامة للائتلاف. مصادر في "الائتلاف" ربطت بين نتائج الانتخابات والتغييرات الحاصلة في مصر بخسارة «الإخوان المسلمين» نفوذهم فيها، حيث شعر العلمانيون بأنهم في موقف سياسي أفضل، خاصة بعد توسيع "الائتلاف" ليضم 22 شخصية علمانية و14 من الحراك الثوري و15 من "الجيش الحر".
الرئيس السابق لحزب الكتائب اللبنانية، الوزير السابق كريم بقرادوني أكد أنّ من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها الرئيس المصري السابق محمد مرسي أنه أخذ موقفاً ضد النظام السوري، ما أتاح المجال للجيش المصري أن يعتبر أنّ الحكم الإخواني يشكل تهديداً للأمن القومي المصري.
كيف سيؤثر سقوط مرسي على الصراع الدائر في سورية، قال بقرادوني: "غياب الإخوان المسلمين عن الحكم في مصر سيؤدي الى إضعاف الإخوان المسلمين في سورية وهذا من شانه أن يلعب لصالح النظام في سورية ويقدّم ورقة إيجابية جديدة لصالح الرئيس السوري بشار الأسد".
من جهته، أكدّ الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان فايز شكر أنّ ما حصل في مصر سيؤثر إيجاباً على سوريا "لأنّ القضاء على المشروع الإخواني المصري يعني القضاء على المشروع التكفيري الذي يقاتل النظام في سوريا، خاصة إثر التقدّم في الميدان السوري وانتصار مشروع الدولة". وأضاف: "إنّ سقوط حكم الإخوان أمّن ورقة ايجابية لمصلحة الشعب السوري ينطق بها الرئيس الأسد".
لكن ما هو تأثير سقوط حكم الإخوان على حركة حماس؟
الوزير شكر رأى أنّ حماس ستعود الى محور المقاومة إثر الأحداث الأخيرة، وهي مضطرة الى العودة إلى مساحة المقاومة التي صنعت عزة للفلسطينيين وأمنت ضربات متتالية للعدو الاسرائيلي، "إلاّ اذا أرتأت حماس أن مصلحتها تكون مع الاسلام السياسي المتطرف". وعما إذا كان سيقبل الرئيس السوري والشعب السوري عودة "حماس"، أجاب شكر: "في رأيي، الرئيس الأسد لا مشكلة لديه أبداً، ففي النهاية كل من يوجّه بندقيته الى العدو الصهيوني لن يكون لأحد مشكلة معه". أما الوزير بقرادوني فرأى أن حركة حماس قد "شردت عن خطها الوطني في الفترة الأخيرة، وكنت أتوقع من وجهة نظري أن تواكب موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجهة عدم التورط في الصراع والبقاء على الحياد الإيجابي". وأضاف: "أمّا وأنها أخذت موقفاً معادياً للنظام السوري وتحالفت مع أعدائه في الخارج وخاصة قطر، لذلك فإنّ عودة حماس الى سورية لن تكون مقبولة بعد اليوم لا من قبل النظام ولا من قبل الشعب السوري".
لا شك أن قطاع غزة هو الضحية الأولى للتغيير في مصر حيث اشتد الحصار على القطاع واشتد التضييق على معبر رفح وتقليص عدد العابرين وصولاً إلى إغلاق السلطات المصرية المعبر بشكل كامل منذ يوم الجمعة الموافق 5/07/2013. كما أغلقت السلطات المصرية الأنفاق بين مصر وغزة وقفاً تاماً يوم 26/06/ 2013 ما تسبب في نقص حاد في إمدادات الوقود والمحروقات، والوقف التام لاستيراد مواد البناء ولا سيما الحديد والإسمنت التي تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخولها إلى قطاع غزة في إطار الحصار الشامل الذي تفرضه على قطاع غزة.