أكّد رئيس مكتب مكافحة المخدرات المركزي العقيد عادل مشموشي أن "المكتب نجح غير مرّة في توقيف أكبر الشبكات الإجرامية الضالعة في تهريب المخدرات على المستوى الدولي، أما توقيف العصابة الدولية فقد أذهلنا أجهزة إنفاذ القانون في العالم خصوصاً الأوروبية منها، التي كانت عجزت عن توقيف أي من أفراد هذه العصابة، على رغم امتداد نشاطها بين أوروبا وأميركا الجنوبية وافريقيا والشرق الأوسط ولبنان".
ولفت مشموشي في حديث صحفي، الى أن "السلطات الألمانية و"الأنتربول" كانت أصدرت كتباً، تؤكّد أن الهولندي روبرت كوك الموقوف في القضية هو من أكبر زعماء مافيا المخدرات الدولية، وأنه كان يتاجر بأطنان المخدرات، وله باع طويل في التهريب والتصنيع وتجارة هذه المادة، فضلاً عن تجارة الأسلحة، كما أنه يتمتع بخطورة كبيرة، بحيث كان يصفّي عناصر الشرطة من دون هوادة، وينتقم بوحشية من كل شخص قادر على الشهادة ضدّه أمام الشرطة".
وأوضح أن "المعلومات التي وردت الى مكتب مكافحة المخدرات المركزي عن القضية، كانت بسيطة ولا تتعدى القول إنّ أحد الأشخاص كان يستعد لإدخال كمية من الكوكايين الى لبنان من دون معرفة أي تفاصيل"، موضحا أنه "نجحنا في وقت قياسي في التعرف إلى هوية أحد أفراد العصابة البلغاري من أصل فلسطيني، راضي شاهين، فجنّدنا المخبرين المحترفين والعناصر الأمنية التابعة للمكتب، وجمعنا المعلومات ورصدنا قدوم شاهين الى لبنان ثم استدرجناه حتى أوقعنا به وبكل من شان برستن، وروبرت كوك، في حال التلبّس بالجرم، حيث ضبطنا معهم 53 كيلوغراماً من الكوكايين".
وعلى رغم ضآلة المعلومات التي كانت في حوزة المكتب، وصف مشموشي مهلة الأسبوع التي استدرج خلالها المكتب أفراد العصابة، بعد التعرّف إلى هوياتهم بـ"الطويلة والشاقة".
ولفت الى أنّ "حجم الضغوط السياسية التي مورست في هذا الملف فاقت التصوّر، الى درجة أن جهات رفيعة عملت على إخفاء نقولا وحمايته، فيما حاولت جهات أُخرى تهريب الموقوفين الثلاثة من سجنَي رومية وعاليه"، مؤكّداً أنّ "المكتب كان لهم بالمرصاد، بحيث كان يبلغ الى المدير العام للأمن الداخلي في حينه اللواء أشرف ريفي، كل المعلومات الواردة عن محاولات التهريب، فيصار الى التشدّد في مراقبة الموقوفين والحفاظ على إنجاز المكتب".
وفي السياق نفسه، وضع مشموشي الحملات الإعلامية التي سيقت ضدّه بالتزامن مع توقيف العصابة الدولية، في إطار "إلهاء أجهزة إنفاذ القانون ولا سيّما القضاء، واختلاق بعض الذرائع للنيل من صحّة التحقيقات والطعن بنتائجها توصّلاً للضغط من أجل إخلاء سبيل الموقوفين".
ملف العصابة الدولية لم يكن الوحيد الذي استجلب الضغوط، فطبيعة عمل المكتب، وتورّط عدد من السياسيين في تغطية بعض كبار المصنّعين والتجار، تضعه في مواجهة دائمة مع "المتضرّرين" من أصحاب النفوذ والسلطة. وفي مراجعة لمسار عمل مكتب مكافحة المخدرات يتضح ان الحملات الأكثر شراسة كانت بدأت مع اكتشاف المكتب خلال العام 2012 معملاً لتصنيع حبوب الكابتاغون في البقاع يملكه شقيق أحد نواب كتلة "الوفاء للمقاومة" مع آخرين لا يزالون جميعاً فارّين، فيما أخلت محكمة الجنايات في جبل لبنان سبيل احد الموقوفين. بيد أنّ مؤسسات إعلامية قريبة من "حزب الله" كانت أفادت بأنّ "الحزب" وعد بالقبض على المتهمين، لكن هذا الأمر لم يتحقق. في موازاة ذلك، بلغت الحملات الإعلامية أوجّها مع توقيف المكتب قبل أشهر عصابة لترويج المخدرات في الجامعات، يقودها إبن أحد الأشخاص النافذين، وكانت وسائل إعلامية من الجهة ذاتها قادت الحملة، محاولة توريط مشموشي من خلال القول إنه أطلق المشبوهين. وعن هذه الحملة أوضح مشموشي: "كان الهدف منها تضليل الرأي العام من خلال تزييف الحقائق وتحوير بعض الأمور لبناء استنتاجات عليها"، جازماً بأن التحقيقات كانت في غاية الشفافية والاحتراف وبمتابعة مباشرة من القضاء ومدعي عام التمييز، علماً أن إخلاء السبيل أو ترك الموقوفين لا يتم إلا بأمر من النائب العام".
وحول مكتب مكافحة المخدرات، رأى أنه "لا بد من إعادة النظر في هيكلية مكتب مكافحة المخدرات وإمكاناته، التي لا تتناسب مع حجم ظاهرة زراعة المخدرات وترويجها في لبنان"، مشيراً الى أنه كان "باشر العمل على تحديث المكتب وتعزيزه بالعناصر والتجهيزات، خصوصاً أن المكتب المركزي يضمّ 80 عنصراً ويتوزع عدد مماثل من العناصر على مكاتب المناطق في الجنوب والشمال والبقاع".
وعن ظاهرة زراعة المخدرات وقدرة المكتب على ضبطها، أشار الى أن "المكتب نجح في تلف المحاصيل الممنوعة بالكامل لأكثر من سنة رغم الحوادث الأمنية والأجواء السياسية التي كانت تعيق عملنا". ورأى أن "التلف مسألة جوهرية في التصدي لآفة المخدرات لكونه يحد من عرض هذه المادة على الشباب اللبناني، ويحول دون تشويه إسم لبنان في العالم كبلد منتج للمخدرات".