من التفجيرات الأمنية المتعددة التي تتنقل بين المناطق اللبنانية، لا سيما في منطقة البقاع، وصولاً إلى عملية الإغتيال التي تعرض لها رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الدولية في المنظمة العالمية للمغتربين العرب محمد ضرار جمّو في منطقة الصرفند في الجنوب، تتماهى الساحة اللبنانية مع الأحداث السورية يوما بعد يوم، كاشفة عن المخاطر التي بدأت تحيط بها.
فلا يمكن فصل عمليات الإغتيال هذه عن الصراع السوري بين المعارضة والنظام، كما لا يمكن فصلها عن العمليات الأمنية التي يشهدها لبنان في الفترة الأخيرة، لكن ما ينبغي طرح السؤال حوله هو تاريخ بدء التحضير لهذه الأعمال.
المعارضة السورية متهم أساسي
على الرغم من أن أياً من فصائل المعارضة السورية المسلحة لم يتبنّ حتى الآن هذه العملية، تبقى هذه الفصائل هي المتهم الأساسي في هذه العملية، نظراً إلى الدور الذي كان يلعبه جمّو في الصراع معها من الناحية الإعلامية والسياسية.
وفي هذا السياق، يؤكد نائب قائد "الجيش السوري الحر" العقيد مالك الكردي أن "لا علاقة لهذا الجيش في هذه العملية"، ويشدد على أن "لا نشاط له خارج الحدود السورية"، معتبرا أن "هكذا أعمال لها أثار سلبية خطيرة على "الثورة" السورية".
ويلفت العقيد الكردي، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن "هذه "الثورة" خرجت من أجل المطالبة بالحرية، وبالتالي هي لا تستطيع أن تنفذ عمليات إغتيال ضد من يخالفها الرأي"، ويشير إلى أن "جمّو بالرغم من مواقفه من قوى المعارضة ليس بالحجم الذي يؤثر عليها كثيراً، وبالتالي ليس هناك من مصلحة في قتله".
من وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي السوري معد محمد، فإن "سوريا تتعرض لحرب على ثلاث مستويات، عسكرية وإقتصادية وإعلامية". ويشير إلى أن "النظام متقدم في الحرب العسكرية"، ويضع عملية الإغتيال في سياق الجانب السياسي والإعلامي من الحرب، "حيث سيتم إستهداف العديد من الشخصيات التي تسهم في فضح ما يجري على الساحة السورية".
ويشدد محمد، في حديث لـ"النشرة"، على أن "هذه الحرب خطيرة جداً"، مشيرا إلى أنها "لا تقل شأناً عن العسكرية". ويؤكد أن "لها تأثيرا كبيرا في مسار المعركة، لا سيما أن الدور الذي تقوم به هذه الشخصيات كبير جداً".
من إغتال جمّو؟
في ظل نفي قائد "الجيش السوري الحر" أي علاقة لكتائب هذا الجيش في عملية الإغتيال هذه، تطرح العديد من علامات الإستفهام حول الجهة المنفذة، خصوصاً أن العقيد الكردي لا يستبعد تورط أحد فصائل المعارضة في هذا الموضوع، "وهذا الأمر يندرج في سياق الصراع بين فصائل هذه المعارضة أيضاً".
ويلفت العقيد الكردي إلى أن "إطالة أمد الأحداث السورية يؤدي إلى إنعكاسات خطيرة على البلدان المجاورة". ويرى أن "الأجواء القائمة في لبنان تجعله مهيئاً أكثر من غيره لمثل هذه الأعمال"، لكنه يعتبر أن "النظام السوري قد يكون هو من إغتال جمّو"، حيث يشير إلى أن "هكذا أعمال سوف تسبب بشرخ بين الشعبين اللبناني والسوري".
في الجهة المقابلة، لا يستغرب محمد حصول هذه العملية على الأراضي اللبنانية، حيث يرى أن "هناك قوى لبنانية تريد تعميق الصراع السياسي القائم"، ويشير إلى أنها "تريد أن تعطيه صبغة دموية". ويعتبر أن "إغتيال جمّو يأتي من ضمن هذا المخطط".
وعلى صعيد الجهة المنفذة، يرفض محمد الفصل بين "الجيش السوري الحر" وجبهة "النصرة" الإسلامية، ويرى أن "الجانبين تابعان لتنظيم "القاعدة" المتهم الأساسي في هذه العملية". ويعتبر أن "الفصل يأتي من باب "تمثيلية" كاذبة هدفها إظهار الأول في مظهر المعتدل، في حين أن الحقيقة هي غير ذلك"، ويلفت إلى أن "أعمالهما في سوريا واضحة".