على الرغم من الحديث عن مقرّرات سرية في مؤتمر "أصدقاء سوريا" الأخير في العاصمة القطرية الدوحة بهدف تغيير الوقائع على الأرض من خلال تقديم دعم إضافي لقوى المعارضة المسلحة، لا يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية كانوا صادقين في الوعود التي قدموها إلى حد بعيد، حيث أن مسؤوليهم عادوا للإعلان عن عدم قدرتهم على تقديم الأسلحة المطلوبة.

في الأردن أعلن وزير الخارجية الأميركية جون كيري أن فرض منطقة حظر جوي ليس أمراً سهلاً، بريطانيا أعلنت من جهتها وعبر مصادرها أنها تخلت عن خطط تسليح قوى المعارضة السورية، مشيرة إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد قد يبقى في منصبه لسنوات، في حين أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده لم تغير موقفها بشأن عدم تسليم مسلحي المعارضة أسلحة فتاكة.

الغرب يخذل المعارضة السورية

يعتبر عضو "الإئتلاف الوطني السوري" المعارض ​لؤي صافي​ أن من الصعب فهم حقيقة نوايا الدول الغربية، ويشير الى أنهم في البداية لم يتصوروا ربما أن النظام سيصمد كل هذا الوقت، ورأوا أن ما يحصل في سوريا سيكون تكراراً لما حصل في كل من تونس ومصر، ويرى أنهم لا يريدون الإستثمار في هذا الأمر، على إعتبار أن لديهم ظروفاً إقتصادية صعبة، إضافة إلى مخاوفهم من الخطاب الديني الذي لم يرح العديد من الجهات.

ويؤكد صافي، في حديث لـ"النشرة"، أن التسليح الذي قدم لا يغير في وجه المعركة، ويعتبر أن الأمر قد يكون بسبب الصراع القائم داخل المجتمعات الغربية حول هذا الموضوع، في ظل الخوف على الأمن الإسرائيلي من وصول هذا السلاح، ويلفت الى أن هناك قناعة متزايدة بأن الغرب لا يريد أن يقدم الدعم الكافي، هو يتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان، لكن على أرض الواقع لا يقدم الدعم، بل هو يقف موقف المتفرج في أغلب الأحيان.

من جانبه، يشير عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة ​أحمد العسراوي​ إلى أن الهئية منذ البداية لم تعلق الآمال على الدعم الغربي، حيث يلفت إلى أن تلك الدول تريد من الأساس بناء مؤسسة نظام حكم تابعة لها في المستقبل، ويرى أنهم يعتمدون سياسية العصا والجزرة من أجل أن تبقى يد التدخل الخارجي ممدودة إلى النظام المقبل.

ومن جهة ثانية، يعتبر العسراوي، في حديث لـ"النشرة"، أن هذه الدول لم تقدم على تسليح في هذا الوقت لأنها تريد الضغط من أجل الدفع نحو المشاركة في مؤتمر جنيف، حيث يرى أن الولايات المتحدة وروسيا تريدان هذا الأمر، لكنه يشير إلى أن كلا منهما يسعى إلى أن تصب نتائجه في صالح توجهاته.

رحلة البحث عن بدائل

على صعيد متصل، يبدو أن قناعة بدأت تترسخ عند أكثر من جهة سورية، مفادها أن الغرب أراد أخذها إلى حرب إستنزاف يخرجون منها جميعاً خاسرين.

وفي هذا السياق، يعتبر صافي أن هذا الأمر هو تحليل قد يكون صحيحاً، ويرى أنه قد يساعد على فهم الكثير من الخفايا، لكنه يؤكد أن هذا الأمر يبقى في سياق التحليل.

ويشير صافي إلى أن المطلوب قد يكون في المرحلة المقبلة هو البحث عن سبل جديدة من أجل مواجهة النظام، ويرى أن ذلك قد يكون من خلال الإعتماد على النفس بالدرجة الأولى، ومن خلال التدريبات التي يقوم بها المقاتلون، بالإضافة إلى الحصول على السلاح من غنائم المعارك التي يخوضونها.

في الجهة المقابلة، يعتبر العسراوي أن الغرب لم يخذل الإئتلاف، حيث يشير الى أنه لم يقدم له أي شيء ملموس على أرض الواقع، في حين هو ربط جميع مواقفه به، ويلفت إلى أن الجميع كانوا يعلمون أنه لن يكون هناك تدخل عسكري خارجي، لكن البعض في قوى المعارضة أصر على عسكرة الثورة، ويعتبر أن المتشددين في النظام نجحوا في جرهم الى الساحة التي يريدونها.

ويرى العسراوي أن مسألة جر الغرب جميع الجهات السورية إلى حرب إستنزاف أحد النقاط الأساسية في الصراع، لكنه يعتبر أنه وجد في نهاية المطاف أن هذا الموضوع قد يؤثر على مصالحه، لا سيما أن النيران قد تمتد إلى بعض بعض الدول الحليفة له، ويرى أن الأمور بالنسبة إلى المستقبل لا تبشر بالخير، طالما أن المتشدّدين من الجانبين يسيطرون على الوضع.