خلال زيارة السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لبنان. ولقائه الرؤساء الثلاث والعديد من القوى والشخصيات السياسية من قطبي الثامن والرابع عشر من أذار . ومن ضمن هذه اللقاءات والاجتماعات لقاء موسع مع كوادر من الفصائل الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ؛ وتبعه إجتماع موسع في مقر السفارة الفلسطينية لقيادات الفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية في لبنان . ومن جملة ما تحدث به السيد ابو مازن قوله: متمسكون بحقوق شعبنا ولن نتنازل عنها ؛ ووضعنا الأشقاء في لبنان بأجواء محادثاتنا مع الوزير كيري . وأوكد أنه مهندس أوسلو.وعندما نتوصل إلى أية نتائج في المفاوضات مع الجانب"الإسرائيلي" سيعمل على إطلاع جميع دول الجوار الفلسطيني على مضمون هذه النتائج لأن الأمر لا يعنينا وحدنا كفلسطينين .فقد كان هذا الكلام لافتاً التركيز على هذه النقاط. ناهينا عن كلامه حول تمسكه برفض المقاومة المسلحة ؛ وترحيبه بموقف الفصائل مما يجري في الداخل اللبناني
وما أن غادر رئيس السلطة الفلسطينية لبنان بمثل ما أستقبل به من حفاوة وكرم الضيافة الأخوية .بدأت التساؤلات والتكهنات عن أسباب وموجبات ودوافع زيارة أبو مازن . في وقت ليس فيه لبنان على درجة من الأستقرار السياسي والأمني . بل على العكس تماماً فهو أي لبنان يمر بأسوأ مرحلة تذكرنا بأجواء العام 1975 وما جنت على من ويلات , والرابح فيها خاسر بالتداعيات والنتائج آنذاك . ولكن لم يفلح الجميع على ما يبدو بأجوبة شافية على أسئلتهم حول موجبات الزيارة وأسبابها ودوافعها , وكأن جميع من إلتقاهم السيد محمود عباس من رؤساء و مراجع متفقون على عدم الحديث حول الاسباب والنتائج العملية لهذه الزيارة من خارج ما قيل في المؤتمرات الصحفية المكررة العناوين؛ حتى ان البعض وصفها بالزيارة اللا الطعم أو أللون او الرائحة .
واللافت انه قد سبق الزيارة ان سلطت بعض وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية الضوء على بيان منسوب لإحدى المجموعات العاملة في مجال حق العوده تقول فيه : " ان السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية سيبلغ اللبنانيين ان حق العوده مشطوب من اية مفاوضات قادمة " , ولم يتوقف كثيرا امام هذا البيان والذي اعتبر نوع من التشويش على الزيارة قبل أن تبدأ ؛ بل ذهب الكثيرين للاستخفاف به وبمن يقف ورائه.
واليوم على مسافة زمنية قصيره تفصله من زيارته الى لبنان التقى رئيس السلطة الفلسطينية مجدداً الوزير الامريكي جون كيري في جولته السادسه وعلى مرحلتين الاولى في عمان والتي امتدت من الافطار حتى السحور ( ولا نعلم ان إضطر كيري أن لمجارة محدثه الفلسطيني فأدى معه صلاة التراويح) , والثانية في رام الله , لتكون هذه المحادثات في الجولة السادسة الكفيلة بتذويب الجليد امام معاةدة المفاوضات في الاسبوع بين كل من تسيفي ليفني وصائب عريقات . جاء ذلك بعد ان منح السيد محمود عباس الموافقة اللازمة لبدء المفاوضات المجمدة منذ عام 2010 من قبل أولي الامر الفلسطينيي في الضفه الغربيه.
ولكن وفق ماذا تمت الموافقة من قبل السلطة الفسلطينية على تشغيل محركات المفاوضات مرة جديدة ولمدة تتراوح من ستة الى تسعة أشهر ؟؟ سؤال أجابت عليه صحيفة الجمهورية اللبنانية التي عنونتفي مقالة لها ( تفاصيل الصفقة "الاسرائيلية" – الفلسطينية التي تستنفر كيري ) , وبغض النظر على دقة هذه التفاصيل من عدمها ؛ولكن الثابت منها انها تتوافق ومعايير السلطة الفلسطينية – "الاسرائيلية" على استئناف المفاوضات بينهما , والتي ستتكشف فصولها تباعا . وأخطر ما جاء في هذه التفاصيل ان حق عودة اللاجئين مشطوب إلا إذا اعتبر انه منجز وذلك وفق تفاصيل الجريدة أن "السماح لبعض العائلات بجمع الشمل في الضفه ورفح وغزة " أما البقية فعليها التعويض ان تختار إما التعويض وإما الهجرة , وهذا يتوافق مع المبادرة العربية لتي تحدثت بوضوح عن موضوع اللاجئين بالقول " وفق حل متفق عيله في اطار القرار 194" والتعويض وفق التفاصيل لا يتناقض مع القرار 194 القائل " بالعودة والتعويض", على ان يمارس كيري الضغوط على دول الخليج من اجل تجنيس الفلسطينيين لديها. وعلى ان تتولى السعودية وقطر والامارات تمويل صندوق "حق العودة" المنوي إنشائه . أما الفلسطينيين في دول الجوار الفلسطيني فلم تأتي التفاصيل على ذكر مصيرهم وكيفية معالجة موضوعهم , على الرغم من أن المعالم أصبحت واضحة.
مما تقدم هل يمكن الاستنتاج ان الجواب على سؤال الكثيرين حول أسباب ودوافع وموجبات هذه الزيارة اللافتة في الاهتمام و الحفاوة والاحاطة الرئاسية اللبنانية لها . يتلخص بالآتي "وضع الاشقاء اللبنانيين في اجواء المحادثات المثمرة والمفيدة مع الوزير كيري حسب ما صرح به رئيس السلطة الفلسطينية قبيل زيارته لبنان. بل وأكثر من ذلك فهو حدد عودة كيري الى المنطقة في غضون العشرة ايام . وكان لزاما عليه ان ياتي الى لبنان ليشرح للرؤساء خطوط المتفق عليه مع كيري , على اعتبار ان لبنان من أكثر الدول المضيفة للفلسطينيين حساسية لجهة حل ملف اللاجئين على حسابه بمعنى التوطين فيه ( وهذه نقطة اجماع لبناني فلسطينيي على رفضها ولكن في المقابل لا يوجد إجماع على رفض التهجير؟؟) . وفي المقابل طمأنهم ان الفلسطينيين لن يتم توطينهم في لبنان , بل من الممكن تحويلهم الى جالية يمنح لرعاياها الجواز الفلسطيني وفي إمكانهم التحرك بموجب تسهيلات واسعة تقدم لهم على اعتبارأن فلسطين أصبحت دولة معترف فيها في الامم المتحدة ولو بصفة المراقب . وهنا يستحضرني السؤال الذي وجهته مندوبة قناة فلسطين الرسمية للرئيس اللبناني في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس السلطة في قصر بعبدا . والسؤال حول منح الحقوق المدنية للفلسطينيين على اعتبار ان فلسطين أصبحت دولة عضو في الامم المتحدة .وبغض النظر عن الجواب ولكن هذه الصحفية الممثلة لقناة فلسطين سؤالها ليس من وحي افكارها بل هنالك من اوحى اليها به. ولمزيد من طمأنة الجانب اللبناني وخصوصا الشق المسيحي منه بعدم توطين الفلسطينيين في حال استؤنفت المفاوضات وخرجت بحلول لعناوين الحل النهائي . اجتمع رئيس السلطة باقطاب مسيحية أساسية وهم الرئيس أمين الجميل , ودولة الجنرال ميشيل عون , ووفد مركزي من القوات سبقه إتصال هاتفي بين ابو مازن وسمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية.
ولعل ان تكون زيارة الوزير كيري الاخيرة للمنطقة والنتائج المبهرة لها على حد وصف تسفي ليفني مسؤولة ملف المفاوضات في حكومة نتنياهو , بعد ان أعلن كيري ومن العاصمة الأردنية عمان إستئناف المفوضات بين الفلسطينيين و"الاسرائيليين" قد اجابت على الغموض الذي إكتنف زيارة السيد ابو مازن الى لبنان.