في لقاء الأربعاء النيابي ما قبل الأخير، ظن الجميع، بمن فيهم الرئيس نبيه بري، أن الاستياء العوني سيترجم مقاطعة لعين التينة. وبالفعل حضر الجميع إلا تكتل التغيير والإصلاح... الى أن باغت النائب ناجي غاريوس الحاضرين بدخوله. تحول غاريوس سريعاً الى نجم عين التينة وسُلّطت الكاميرات كما الأنظار عليه. في قاعة الاجتماع التي دخلها غاريوس، قوبل أيضاً بترحيب استثنائي من بري والموجودين. وفي الوقت الذي يتزاحم فيه الجميع عادة على المقعد الملاصق لمقعد رئيس المجلس ترك الكرسي هذه المرة له. بدأ الاجتماع ولم يكن بري محوره، بل تعليقات غاريوس وأسئلته. بدا كأن الحاضرين، بمن فيهم بري، ينتظرون أي إشارة من النائب العوني لاقتناص توجهات الرابية. أما في الخارج، فالكل يترقب خروجه، مسقطاً فرضية أن عضو التكتل زار عين التينة بمبادرة فردية استكملت باجتماع ليلي في الرابية لمناقشة تفاصيلها. مبادرة ساهمت بعفويتها في كسر جليد «الاختلاف» مع بري، لتعود المياه الى مجاريها في لقاء الأربعاء الأخير، علماً بأن اللقاء الذي جمع السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون الأسبوع الماضي تطرق الى سبل إعادة ترميم العلاقة مع بري، وفقاً لمقربين من الرابية. وترجم الأمر بحضور نواب التكتل الى عين التينة مجدداً.
اليوم، تحضر غالبية نواب تكتل التغيير والإصلاح جلسة اللجان المشتركة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب. فهي ليست جلسة هيئة عامة تمدد لمجلس النواب، ولا هي محاولة للتمديد لقائد الجيش. سيقتصر الأمر على «مناقشة مشاريع القوانين»، لذلك حضورهم ضروري ويعنيهم في المرتبة الأولى.
في المبدأ، كل اللجان ستحضر، ما عدا لجنة الشباب والرياضة. لذلك انشغل نواب التكتل أمس بترتيب ملفاتهم ومشاريعهم المدرجة على جدول أعمالها، خصوصاً بعدما «أعاد بري إدراج قوانين التيار المعلقة منذ عامين على جدول الأعمال كقانون السيارات التي تعمل على الغاز أو مشروع أنابيب الغاز وغيرها». ووفقاً لنائب عوني، فإن بري لدى سؤاله سابقاً عن تلك المشاريع «كان يرد بأنها في عهدة لجان الطاقة والمال والإدارة والعدل». وعندما «أثبت التكتل أن المشاريع في اللجان التي يرأسها بري، أدرج تلك القوانين في جلسة اليوم».
لا يمكن اعتبار ما سبق بداية شهر عسل بين التيار ورئيس المجلس. هي أشبه بهدنة أو اختبار كل طرف للآخر. وبحسب المطلعين على اجتماع عون ــــ نصر الله، تم الاتفاق على خفض حدة الخطاب وتفادي الهجوم على بري.
وقد أوعز عون لكتلته بعدم التعرض لرئيس المجلس «لاختبار أرضية بري وتفاعله مع قضايانا»، يقول نائب عوني. وهنا تتفرع المشكلة الى شقين: في الشق السياسي، يأخذ التيار على بري عدم إشراكه بالقرارات الكبيرة كمبادرته الى عقد جلسة تمديد لقائد الجيش من دون استشارة أكبر كتلة مسيحية. وأيضاً محاولة عرقلة قضاياه كعدم توفير النصاب في المجلس الدستوري. أما الشق الثاني، فتشريعي محوره عرقلة بعض مشاريع التكتل في اللجان. لذلك لا بدّ من «مراقبة كيفية تعاطي بري مستقبلاً مع مآخذ التيار لمعرفة مصير العلاقة».
من جهة أخرى، لن تكون جلسة اللجان اليوم خرقاً في كسل النواب البرلماني منذ التمديد، ولا هي محاولة من رئيس المجلس للتعويض عن نصاب الهيئة العامة بجلسة لجان يحضرها جميع النواب. ففي جلسة اللجان الأخيرة التي بحثت سلسلة الرتب والرواتب، أنشئت لجنة فرعية برئاسة النائب ابراهيم كنعان لمتابعة السلسلة، وحظي اجتماعها الأول بحضور رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي وغالبية الوزراء والنواب: «ساهمنا في إعادة إحياء المجلس وكسرنا الجليد النيابي والوزاري، وليست جلسة اليوم استثناءً، بل هي متابعة لما بدأناه». إذاً، هنا أيضاً يريد العونيون خطف أضواء بري، فخرق جدار الأزمة برأيهم يكون عبر «اقتياد رئيس الحكومة الى جلسة عامة وإقناعه بأن الأمر لا ينتقص من دور الحكومة وقيمتها، لا النواب الى جلسة تشريعية عادية».