لو نطق رئيس مجلس النواب نبيه بري "بسم الله الرحمن الرحيم"، على قوله، لأقدم "تيار المستقبل" على السؤال: ما هو المغزى من اطلاقه هذه العبارة التي يبدأ بها المسلم صلاته؟ وما هي الأبعاد التي يقصدها.
ولم يكتفِ بذلك، بل يقول إنه لو وجّه دعوة الى هذا الفريق للإفطار لأقدموا على التشكيك فيها والخوض في تحليل طويل عن السبب الكامن وراء هذه الدعوة وتوقيتها.
ويرجع بري هذا الأمر الى انه، كلما اقترح مخرجاً لواحدة من الأزمات في البلد، وما اكثر ملفاتها الشائكة، بادر هؤلاء الى الوقوف في وجهه والتدقيق في أبعاد ما يعمل عليه، وانتابتهم الريبة. وعندما اعلن عن "الطلاق الحبي" بين قوى 8 آذار ازاء التعامل مع عملية تأليف الحكومة المتعثرة ولادتها حتى الآن في دارة الرئيس المكلف تمام سلام في المصيطبة، لم يقتنع افرقاء 14 آذار ولا سيما كتلة "المستقبل" بأن بري جاد في ما يقوله حيال السعي الى اطلاق الحكومة بعد كل التعثر الحاصل.
ويقول بري ان كثيرين لم يصدقوه، ما عدا رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون الذي تلقف رسالته وتوقف جيداً عند الهدف منها، وكانت محل درس وتمحيص جديين عند "حزب الله".
وكانت مبادرة بري الأخيرة "الطبق السياسي الطازج" في لقاءات اركان التيار الازرق من جدة الى "بيت الوسط" في بيروت، وكذلك دعوته الرئيس سعد الحريري الى الترشح لرئاسة الحكومة وحمل رايتها بدل سلام الذي لم ينجح حتى الآن في اجتياز "الألغام" والعقبات التي وُضعت امامه من اكثر من فريق، وزاد قرار الاتحاد الاوروبي وضع الجناح العسكري لـ"حزب الله" على لائحة الارهاب والقائمة السوداء صعوبات سلام، وكيفية ادخال الحزب الى الحكومة مع رفض افرقاء 14 آذار الجلوس معه الى طاولة حكومية واحدة، أقله حتى الآن.
ومن يطلع على حيثيات بري فانه لم يطلق دعوته الاخيرة حيال دعوة الحريري من باب "الزكزكة" او السعي الى تعطيل مهمة سلام أو توجيه رسالة سلبية له، بل ان لا مشكلة لديه تجاه تمام بك، وان البيان الأخير لكتلة "المستقبل" اول من امس عرقل اكثر مهمة سلام.
لا يمانع رئيس المجلس في ترؤس الحريري تلك الحكومة المنتظرة. وجاءت دعوته الأخيرة بعد سماعه وتلقيه اشارات شغلته، وهو انه في حال اعتذار سلام عن التأليف، فإن "تيار المستقبل" بدأ يفكر في اسماء بديلة، لرئاسة الحكومة.
ومن هنا توقف بري عند هذه الرسالة – الاشارة ودعا الحريري مباشرة للعودة الى "بيت الوسط"، ومنه الى السرايا الحكومية، لأنه يحبذ العمل مع رأس النبع مباشرة وليس عبر السواقي والجداول التي تتزود من "مياه الحريري".
وكان رئيس المجلس متحمساً للقاء سفيرة الاتحاد الاوروبي انجلينا ايخهورست التي زارته بثوب غلب عليه اللون الاصفر الذي يرمز الى علم "حزب الله"، بسؤالها عن مغزى هذا اللون ردت عليه بابتسامة.
وردّد بري على مسمعها مطالعة طويلة عن العلاقة التي تربط لبنان وأوروبا، وكيف ان هذا القرار افاد اسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
وخاض في الشق القانوني منها، والى ماذا ارتكز الاتحاد في حيثيات القرار، ولا سيما ان وزير خارجية بلغاريا ابلغه ان لا معطيات تثبت ان "حزب الله" وراء تفجير بورغاس.
وعدّد بري أمام ايخهورست جملة من النقاط تزيد تفاعل المشكلات السياسية في لبنان جراء صدور هذا القرار:
- ثمة من يقاطع الجلسات العامة في مجلس النواب.
- لم تؤلف الحكومة حتى الآن ونحن نعمل للوصول الى مقاربة ولادة الحكومة.
- لم نصل بعد الى حل مسألة قيادة الجيش والتمديد لقائده العماد جان قهوجي، وإن المعالجة لم تصل الى نهايتها.
- القرار الأوروبي يساهم في عرقلة المساعي لاستئناف الحوار الذي دعا اليه الرئيس ميشال سليمان، والذي لاقى ترحيباً وتشجيعاً من السيد حسن نصرالله. وان قرار بلدانكم يستهدف كل العناصر التي تساعد في حفظ لبنان ودعمه.
وتوجه بري الى ايخهورست: "اسألوا أولادكم (اليونيفيل) في الجنوب كيف يتعامل الأهالي معكم، ومن جهتنا سنستمر في الحفاظ عليهم واحتضانهم".
وفي عز فورة رئيس المجلس خاطب ايخهورست بأن القرار جاء "بمثابة إرضاء للاميركيين وإسرائيل، وعندما يتعلق الأمر بالاخيرة لا تنظرون إليها ولو بعين واحدة، بل تصبحون عمياً".