قد تكون حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من أكبر المتضررين من التطورات التي لحقت في ما يسمى بـ"الربيع العربي". باتت الحركة في نظر العديد من الجهات من "المتورطين" في ما يحصل من أحداث دموية في بعض الدول، لا سيما في سوريا ومصر، والسبب يعود إلى أن الحركة هي جزء من تنظيم "الإخوان المسلمين" الدولي.
في الأحداث السورية، وقفت الحركة إلى جانب المعارضة السورية، بالرغم من أن النظام كان داعماً أساسياً لها على مدى سنوات طويلة، أما في مصر فرأت في وصول جماعة "الإخوان المسلمين" إلى السلطة أمراً مساعداً لها، لكن الصدمة لم تتأخر كثيراً، حيث أُسقطت الجماعة في مصر، وباتت هي نفسها بحاجة إلى مساعدة "حماس".
"حماس" خضعت للتنظيم الدولي
من وجهة نظر رئيس حزب "حياة المصريين" محمد أبو حامد، أثبتت التجربة أن جماعة "الإخوان المسلمين"، بفرعيها المصري والفلسطيني، ليس لديها فكرة الوطن وحمايته في دولة يتواجد فيها التنظيم، ويؤكد أن "حماس" هي من كانت وراء عمليات اقتحام السجون أثناء أحداث "ثورة 25 يناير"، ويشير إلى أن المعركة هي مع التنظيم الدولي للجماعة الذي كان يشكل خطراً على الإستقرار وعلى الدولة المصرية.
ويشدد أبو حامد، في حديث لـ"النشرة"، على أن تورط "حماس" واضح في جميع الأحداث التي سقط فيها ضحايا، ويشير إلى أن التحقيقات التي ستفتح في هذه الأحداث مستقبلا سوف تؤكد هذا الأمر.
من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق بسام أبو عبدالله أن "حماس" خرجت عن الخط الإستراتيجي الذي احتضنت على أساسه من قبل الشعوب في المنطقة، ويعتبر أنها رضخت للتنظيم الدولي لجماعة "الإخوان المسلمين" بدل التركيز على القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، يحاول أبو عبدالله، في حديث لـ"النشرة"، حصر الموضوع بالقيادة الحالية للحركة، ويطالبها بالتنحي بعد أن خسرت كل أوراقها، وبعد تورطها في مواقف مسلحة، حيث لا يعتبر أبو عبدالله أن المشكلة فقط في الموقف السياسي بل بالتورط المسلح في الأحداث داخل بعض الدول العربية.
في الجهة المقابلة، يشدد ممثل الحركة في لبنان علي بركة على أن هذه الاتهامات تخرج من مطبخ أمني عسكري إعلامي في إحدى الدول العربية، ويشير إلى أن الهدف منه "شيطنة" الحركة في سياق الحرب على المقاومة من أجل تصفية القضية الفلسطينية.
ولدى سؤاله عن الدولة التي يتحدث عنها، يوضح بركة، في حديث لـ"النشرة"، أن هناك أكثر من جهة متورطة في هذا الأمر، ويلفت إلى أن هناك مسؤولين سابقين في بعض الدول يعملون على بث الأكاذيب والشائعات في وسائل الإعلام، من أجل محاربة الحركة والتحريض عليها وعلى الشعب الفلسطيني.
التداعيات خطيرة جداً
لا يمكن فصل التوتر الكبير الحاصل في العلاقة بين "حماس" وبعض الشعوب العربية عن القضية الفلسطينية، لا سيما أن هذه الشعوب باتت تنظر بعين الريبة إلى دور "حماس" في الأحداث التي تجري على أراضيها، خصوصاً أن هناك معلومات مؤكدة عن هذا الدور.
وفي هذا الإطار، يشدد أبو حامد على ضرورة الفصل بين القضية الفلسطينية والأعمال التي قامت بها "حماس" خلال الأحداث الأخيرة في مصر، ويؤكد أن الشعب المصري كان ولا يزال متعاطفاً مع هذه القضية، ويشير إلى أن الشعب كان يتعاطف مع الحركة على أساس أنها حركة مقاومة، لكن مع تطور الأحداث تحول هذا التعاطف إلى دعوات لمعاقبتها على أفعالها.
ويؤكد أبو حامد أن التعامل مع "حماس" في المستقبل سيكون مشابها للتعامل مع جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، حيث سيكون هناك عقاب لكل القيادات المتورطة في الأحداث الدموية، ومن ثم سوف يتم العمل على "قوننة" العلاقة معها، بحيث سيكون المطلوب منها إحترام السيادة المصرية.
من جهة ثانية، يرى أبو عبدالله أن ثمن هذا التورط سيكون غالياً جداً، ويرى أن مشكلة التنظيم الدولي للجماعة هو أنه عابر للحدود لا يعترف بالدول، ويشير إلى أنه يواجه مشكلة كبيرة في الوقت الحالي، لا سيما في مصر وتونس وسوريا، ويؤكد أن مشروع "الإخوان المسلمين" في المنطقة سقط بالضربة القاضية.
ويشدد أبو عبدالله على أن هذا الأمر لن يؤثر على مفهوم المقاومة، حيث يلفت إلى أنها لم تولد مع "حماس" بل هي موجودة قبل ولادتها بزمن طويل، ويشير إلى أن القيادات الميدانية في الحركة حتى ترفض الخيار المعتمد من القيادة السياسية.
من جانبه، يشدد بركة على الحركة تفتخر بالإنتماء إلى التنظيم الدولي، حيث يذكر بأن "الإخوان المسلمين" هم أول من قاتل في فلسطين، ويشير إلى أنهم حركة إسلامية عربية تدعم المقاومة وحركات التحرر، لكنه يؤكد أن التنظيم لا يؤثر على مواقف الحركة من الدول العربية، حيث يشدد على أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ولا تقاتل خارج الأراضي الفلسطينية.
أما بالنسبة إلى موقف الحركة من أحداث "الربيع العربي"، يوضح بركة أنها وقفت إلى جانب الشعوب العربية، من دون أن يكون لها أي تدخل عسكري أو مادي، ويلفت إلى أنها لم تختلف مع النظام السوري في السياسة بل في طريقة تعاطيه مع الأزمة الداخلية، وهي تدعم الحل السياسي وترفض الخيار العسكري من قبل أي جهة، ويؤكد دعمها وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر حيث تؤيد الحوار الذي يحترم إرادة الشعب المصري الذي إنتخب الرئيس محمد مرسي.
في المحصلة، تُصر "حماس" على نفي "تورطها" في أي من الأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية، لكنها لا تمتنع عن إبداء رأيها من القضايا الداخلية لهذه الدول، مع أنها تعلن رفضها التدخل في شؤونها الداخلية، لكن هذا النفي لا يبدو أنه محل تقدير حيث الحديث عن الأدلة على هذا "التورط" هو المسيطر.