كشف الارشيف الوطني البريطاني عن وثائق ومراسلات بين رئيسة الحكومة مارغريت تاتشر وعدد من زعماء العالم في عام 1983 الذي شهدد تجديد فترة انتخاب تاتشر رئيسة للحكومة، بعد انتخابات عامة تلت الانتصار البريطاني في جزر فوكلاند واستعادتها من الارجنتين.
وبحسب الوثائق التي نشرتها صحيفة "القبس" الكويتية، فقد شهد هذا العام، وتتمة للغزو الاسرائيلي للبنان منتصف 1982، ارسال قوات دولية بقيادة الولايات المتحدة الى لبنان، والهجوم الانتحاري الذي شنه شخصان مرتبطان بحزب الله على ثكنة المارينز، واخرى للقوات الفرنسية في بيروت في 23 تشرين الأول 1983 مما اودى بحياة 241 أميركياً و58 فرنسياً وستة مدنيين والانتحاريين اللذين قادا شاحنتين محملتين بأطنان من المتفجرات.
وتحدث الرئيس الاميركي بعدها واصفاً الهجوم بأنه "عمل حقير"، وتعهد بالحفاظ على "قوة عسكرية" في لبنان. وقال وزير الدفاع كاسبار واينبرغر، انه لن يكون هناك أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان. وفي 24 تشرين الأول زار الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران موقع الانفجار الفرنسي. في زيارة غير رسمية، وبقي لبضع ساعات فقط، وقال "اننا سنبقى"، وزار نائب رئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب موقع تفجير قوات المارينز في 26 تشرين الأول، وقال ان الولايات المتحدة "لن يهددها الإرهابيون".
ورداً على الهجمات، بدأت فرنسا غارة جوية في سهل البقاع ضد مواقع قالت انها لـ"الحرس الثوري الإسلامي" (الايراني). وجمع الرئيس ريغان فريقه للأمن القومي والتخطيط لاستهداف ثكنة الشيخ عبد الله في بعلبك، الذي يضم الحرس الثوري الإيراني وهؤلاء يعتقد انهم دربوا مقاتلي حزب الله.
ووفق الوثائق طلبت تاتشر من ريغان عدم شن هجوم كبير على لبنان للانتقام مما جرى، وقالت في رسالة تحذير لريغان "ان هؤلاء الناس متزمتون يؤمنون ان الشهادة تقودهم الى الجنة". وقارنت الحادث بما جرى في ايرلندا الشمالية، حيث قتل متزمتون اكثر من الف جندي بريطاني من دون اي وازع.
وحضت تاتشر ريغان وغيره، اثناء التعامل مع احداث مشابهة بـ"ملاحقة المسؤولين مباشرة عن الحادث وتصفيتهم، بدلاً من اللجوء الى عمليات انتقامية واسعة قد تثير الغرائز وتؤدي الى زيادة اعداد الانتحاريين". وكانت تاتشر تشير الى قيادات فتية في حزب الله نسقوا للعمليتين الانتحاريتين.
وفي الوثائق ايضاً رسائل عن تردد تاتشر في ارسال قوات الى لبنان بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، لكنها ارسلت وحدة صغيرة من قبرص الى بيروت على رغم الحاح الاميركيين والفرنسيين للمشاركة.
وتضم الوثائق ايضاً رسالة من وزير الخارجية في حينه فرنسيس بيم قال فيها "ان الاسرائيليين مذنبون بالسماح لحلفائهم في الميليشيات اللبنانيية غير المنضبطة باقتحام مخيمي صبرا وشاتيلا".
وتضم الوثائق ملفات عن اقتراح زيارة وفد من الجامعة العربية، يضم ممثلين عن منظمة التحرير الى لندن، وكتبت تاتشر مذكرة الى وزير الخارجية تحدثت فيها عن رفض استقبال اي ممثل عن "منظمة ارهابية"، مثلما ترفض استقبال اي ممثل عن الجيش الجمهوري الايرلندي. وقالت في رسالة كتبت في تشرين الثاني 1982 "ارجو ابلاغ اصدقائنا العرب والجامعة انني لن استقبل اي ممثل من هذه المنظمات الارهابية في 10 داوننغ ستريت"، لكن الزيارة تمت في آذار 1983.
ومن بين أهم الوثائق عن احتلال السفارة الايرانية في لندن، وكيف أمرت تاتشر القوات الخاصة (اس اي اس) باقتحامها وتحرير ما يصل الى 20 دبلوماسياً ايرانياً كانوا داخلها وقت احتلالها في 30 نيسان 1980 على يد اعضاء في جبهة تحرير الاحواز التي كان يمولها صدام حسين.
وانتهت عملية احتلال السفارة بمقتل عباس لواساني الملحق الصحافي علي يد المحتلين، وإلقاء جسده الى خارج المبنى بعد 6 ايام من الاحتلال، بعد قتله في الداخل.
وقتلت القوات الخاصة خلال عملية الاقتحام التي دامت 17 دقيقة فقط، خمسة من المحتلين الستة، واعتقلت السادس الذي كان اصيب خلال العملية.
وادت العملية الى تسليط الضوء على القوات الخاصة البريطانية وبراعتها، وزادت من شعبية تاتشر التي كانت ترفض دائماً تقديم تنازلات الى ارهابيين اجانب ارتكبوا عمليات خطف واحتجاز رهائن بريطانيين.
وخلال العملية احترق مبنى السفارة، واستغرقت عمليات ترميمه ثلاث سنوات، لتعود البعثة الايرانية الى استخدامه مجدداً في نيسان 1983.