كشفت صحيفة "الجمهورية" هوية الشخص الرابع الذي كان برفقة المطرانين المخطوفين في سوريا بولس يازجي ويوحنا ابراهيم والسائق الذي قُتل، وقد اختفى بعد الحادثة ليعود للظهور من جديد ويروي تفاصيلها، وهو يدعى فؤاد إيليا، ميسور الحال، وفي الستينات من عمره، من منطقة حلب وتحديداً من منطقة السريان الجديدة، مقرّب من المطران ابراهيم وكان يرافقه مراراً، وهو شيخ بروتستانتي، ينتمي إلى المعارضة التقليدية أي من "حزب الشعب الديموقراطي"، وأولاده يعملون في الإمارات العربية".
وأكد إيليا ان "الخاطفين غرباء وأجانب ولا يتكلمون العربية جيّداً"، وروى تفاصيل عملية الخطف، قائلا: "في طريقنا إلى مكان أجهله، ويعلمه المطرانان المخطوفان، علمت أنّه قد يكون للمفاوضات بشأن إطلاق بعض الكهنة المفقودين، جلست قرب سائق المطران ابراهيم المرحوم "فتوح"، وجلس المطرانان في الخلف. نظرت في المرآة ولاحظت وجود سيارة داكنة اللون رباعية الدفع ظهرت فجأة وبدأت تلاحقنا حتى تجاوزتنا، ولاحظتُ اثناء تخطّيها لنا وجود مجموعة مسلّحة فيها، وسلاحُهم ظاهر، وفيما توقّفت السيارة وخرج منها أربعة أشخاص مسلّحون استلم كلّ منهم شبّاكاً من الجهات الأربع لسيارتنا التي أحكمنا إقفالها".
وقال: "أنزلَ السائق المغدور الزجاج الملاصق له وحاول الاستفسار، قائلاً: رجال دين! فنظر الخاطفون نحوي ونحو المطرانين، فما كان من الشخص الأوّل الملاصق للسائق إلّا أن أمسك بـ"فتوح" من الشبّاك ورماه خارجاً، وجلس مكانه بجانبي، فيما بقي المسلّحان الاثنان يحرسان البابين الخلفيين للمطرانين، فتوجّهت الى المسلح بجانبي وقلت له إنّنا بصحبة رجال دين، وهم مطارنة، فنظر إليّ نظرة غريبة فهمت منها أنّه لم يفهم شيئاً، فقال بلهجة عربية "مكسّرة": "قم... قم"، وضربني بكعب بندقيته على خاصرتي محاولاً رميي إلى الخارج قائلا" Bom Bom بالإشارة الى السلاح الذي هدّدني وضربني به. فما كان من المسلّح الآخر الواقف قبالته من الجهة المقابلة أي بقربي إلّا التقاطي من الشبّاك والرمي بي أرضاً ليجلس مكاني".
أمّا بالنسبة إلى "فتوح"، فيشير إيليا إلى أنه "لم يُقتل أثناء الخطف، ولا يعلم اين وكيف ومن قتل فتوح"، كلّ ما يرويه أنه شاهد فتوح من خلال مرآة السيارة بعدما رمى به المسلّح أرضاً، يقف ويلوذ بالفرار مبتعداً.
وتابع إيليا: "بقيت ممدّداً على الأرض ربع ساعة مذهولاً، لعلّني أسمع طلقات نارية معيّنة، إلّا أنني لم أسمع شيئاً. كلّ ما رأيته، سيارتنا يقتادها مسلّحان يجلسان في المقعدين الاماميين والمطرانان في الجهة الخلفية ويتجهان بهما عكس الطريق التي كنّا نسير فيها أي عكس حلب. وعادا من الطريق التي أتيا منها يرافقهما مسلّحون آخرون كانوا يقودون السيارة الداكنة الأخرى، والمنطقة التي حصلت فيها حادثة الاختطاف هي طريق فرعية وتمرّ فيها الكثير من السيارات، ولكن عند ظهور المسلّحين أقفِلت الطريق بسبب توقّف السيارتين".
وروى إيليا أيضاً أنّ القوات النظامية السورية استدعته وحقّقت معه مدة نصف ساعة فقط أدلى فيها بأقواله وبالرواية التي ذكرها، علماً أنه متّهم بأنّه معارض، إلّا أنّ السلطات المعنية أخلت سبيله فور انتهائه من الإدلاء بشهادته.
بدورها استغربت مطرانية السريان في دمشق كيف لم يتّصل بها إيليا حتى اللحظة، وأبدت استياءها من الإشاعات والأقاويل والاتهامات الملفّقة في حادثة الخطف، كما أنّ المطران متى الخوري وهو السكرتير الاوّل لبطريرك السريان الأرثوذكس زكا الاوّل عيواص وهو مطران باب توما في دمشق، وهو كان اوّل من كشف لـ"الجمهورية" عن وجود الشخص الرابع الذي أخبر عن الحادثة وكشف أنه حتى الساعة لم يعلم من هو إيليا ولم يقابله، ويستغرب كيف اختفى ولماذا لم يتواصل حتى الساعة مع البطريركية لإخبارها عن حقيقة ما جرى.