كان من المفترض أن يخدش عشاء «مفترض» في منزل نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي جدار الأزمة السياسية بين التيار الوطني الحر والمردة، فيجلس وزير الطاقة جبران باسيل والوزير السابق يوسف سعادة حول مائدة واحدة، بحسب عضوين من اللقاء الوطني المسيحي الذي يضم الى جانب الفرزلي رئيس رابطة السريان حبيب افرام، رئيس حزب الكتائب السابق كريم بقرادوني، السفير السابق عبدالله بو حبيب، الزميل جان عزيز وغيرهم. الا أن باسيل، وبعد أن أكدّ حضوره، اقترح حلاً آخر يقضي بنقل العشاء من منزل الفرزلي الى منزله في البترون. الأمر الذي لم يُرح سعادة، فاعتذر، وألغي العشاء. للقصة هنا صيغة أخرى على لسان عضو آخر من اللقاء ووزير من الوزيرين المعنيين بعشاء «تقريب وجهات النظر». ينكر الأخيران تفاصيل الخبر السابق مؤكدين أن فكرة العشاء طُرحت فعلا الا أن الموعد لم يُحدّد بعد. وعليه لا باسيل طلب نقل العشاء الى البترون ولا العشاء قد ألغي، بحسب العضو والوزير.

في الأصل ليست تلك المشكلة من مهام اللقاء المسيحي، ولكنها برزت خلال مساعي أعضاء اللقاء لضم عدد من ممثلي الأحزاب الى تجمعهم. ووفقا لأحد أعضاء التجمع، توجه وفد بداية الى سعادة لمفاتحته بموضوع التجمع وتمني انضمامه الىه. أعقبت تلك الزيارة زيارة أخرى الى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فاجتماع بالنائب ميشال عون وباسيل للغاية ذاتها. وفور تلقيهم الاشارات الايجابية من بنشعي والرابية، انطلقوا تاليا في مبادرة حسن نية لجمع الحليفين المتخاصمين تمهيدا لتنقية الأجواء بين المسيحيين في لقائهم المولود حديثا. أما فكرة التجمع الرئيسية فتنطلق من القلق على المستقبل المسيحي في ظل ما يجري في الشرق الأوسط من تهجير مقّنع للطائفة، وضرورة الخروج من الخصومات المحلية الحزبية وتجاوز حسابات فريقي 8 و14 آذار الضيقة لتوفير ساحة من الحوار والتفاهم. لذلك بدأت بعض الاجتماعات بين شخصيات لاحزبية هدفها خلق مطبخ سياسي ومساحة فكرية من دون التزامات، بعد أن برهن المسيحيون عدم قدرتهم على التأثير في صلب السياسة اللبنانية بدءا بالانتخابات النيابية مرورا بالتمديد للمجلس النيابي وصولا الى التمديد لقائد الجيش. كان من الضروري أن «يدق أحدهم ناقوس الخطر قبل بلوغ الأصولية ومشاريع التقسيم والتفتيت المذهبية، لبنان». ففي رأيهم، «الثورات العربية لم تحسّن الوضع المسيحي في الشرق الذي كان يشكو أصلا من الأنظمة الديكتاتورية». لذلك بات التفكير في مسيحيي لبنان وحضورهم أمرا لا بدّ منه، خصوصا أنهم غالبا ما يستثنون من الخارطة السياسية اذا ما اتفقت القوى الأخرى في ما بينها كما حصل أخيرا. وهنا يطرح المجتمعون مجموعة أسئلة تنطلق من كيفية ضمان بقائهم واستمراريتهم في لبنان خلال السنوات العشر المقبلة في ظل فشل الأحزاب المسيحية في تعويم قانون انتخابي يؤمن حضور الطائفة في الدولة. يتفقون على ضرورة مخاطبة الأميركيين والأوروبيين بصوت مختلف ما دامت الأصوات السابقة لم تأت بصدى ايجابي: «لماذا لا يفهمنا الغرب عندما نتحدث عن الوجود المسيحي في الشرق؟ لماذا لا يهتمون بخطف المطرانين السوريين؟». يخلصون الى أنه ربما يكون «الغرب متواطئاً ضد المسيحيين هو الآخر. وللعالم العربي الاسلامي، السؤال التالي: «ما رأيكم بالمسيحيين، وأين موقعنا بين تناحراتكم وخلافاتكم»؟

لا يزال التحرك في أيامه الأولى يبحث عن «عصب مسيحي بالمفهوم السياسي» أي شخصيات حزبية لها حيثيتها وموقعها للتأثير في الرأي العام والمجتمع الدولي، «وستكون هناك مفاجآت في الحاضرين»، يقول أحدهم. يريد المؤسسون لتجمعهم ألا يتحول ككل اللقاءات الى «حفل للعلاقات العامة وتبادل الصور الاعلامية». يحسبون خطواتهم بحذر ولا يدّعون النجاح، «هو محاولة وتحدّ مسيحي لانجاز شيء جدّي على المستوى العام بمعزل عن المصلحة الذاتية أو الحزبية». وأصلا اللقاء المسيحي الجديد «لا يفهم على ماذا يتناحر المسيحيون وهم ينتهون».