سارعت دول غربية عدّة إلى تسريب الكثير من المعلومات، خلال الساعات الأخيرة، عن سعيها بزعامة الولايات المتحدة الأميركية إلى توجيه ضربة عسكرية لسوريا في حال ثبت إستخدام جيشها السلاح الكيماوي ضد مجموعات المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، لكن هذه الدول أشارت إلى أن التأكد من ذلك بات أمراً صعباً، بالرغم من موافقة الحكومة السورية على دخول فريق من المحققين الدوليين إلى المنطقة.
في ظل هذه المعطيات، قد يكون السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه اليوم بقوة هو عن رد حلفاء النظام السوري على ذلك، لا سيما أن كلا من روسيا وإيران أكدتا في أكثر من مناسبة أن هذا الأمر غير مقبول.
التهديدات لن تنفذ
على الرغم من حجم التهديدات التي تطلقها الدول الغربية في هذه الأيام، لا يبدو أنها حتى الساعة تؤخذ على محمل الجد من قبل الجهات المعنية، لا سيما أن الجميع يعلم أن مثل هذه الأعمال ستستدعي رداً مباشراً من القوى الحليفة للنظام السوري.
وفي هذا السياق، ينطلق الكاتب والمحلل السياسي الإيراني حسن زاده من التأكيد أن بلاده أوضحت منذ بداية الأحداث أن سوريا خط أحمر بالنسبة لها، وأعلنت إستعدادها التوسط من أجل قيام مفاوضات بين الحكومة والمعارضة، من أجل التأكيد على أن إيران تراقب الأوضاع بشكل دقيق، لا سيما أنها تعتبر أن أي ضربة لسوريا هي إعتداء على أمنها القومي.
وعلى الرغم من أن زاده يعتبر، في حديث لـ"النشرة"، أن التهديدات الغربية هي جزء من الضغط الدولي الهادف إلى إضعاف الحكومة السورية قبل الوصول إلى مؤتمر جنيف 2، يشدد على أن لدى هذه الحكومة حلفاء كثيرين لن يبقوا مكتوفي الأيدي بحال الإعتداء عليها.
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي نسيب حطيط أن هذه التهديدات هي من أجل "فرملة" الهجمات التي يشنها الجيش السوري على كل الجبهات، ويشدد على أن العمل العسكري المباشر لن يحصل لكن غير المباشر هو موجود أصلاً من خلال ادارة العمليات العسكرية والوجود المخابراتي.
ويشير حطيط، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن التلويح بالعمل العسكري يأتي في سياق الضغوط الدولية لا أكثر، ويدعو إلى التنبه للتخبط الذي حصل في المواقف الدولية في الساعات الأخيرة، لا سيما في موقف الإدارة الأميركية التي تهدد من جهة، بينما يقوم وزير خارجيتها جون كيري بالإتصال بوزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد أكثر من سنتين من القطيعة.
حلفاء سوريا سيدافعون عنها
من جهة ثانية، المواقف التي تؤكد بأن هذه التهديدات لن تنفذ لا يعني أنها لا تؤخذ على محمل الجد، حيث تشدد القوى المتحالفة مع النظام السوري على أنها لن تتركه وحيداً في المعركة، خصوصاً أن كلا منها يعتبر أن هذه المعركة معركتها الخاصة.
وفي هذا الإطار، يؤكد زاده أن أي تدخل عسكري في سوريا، سواء كان تدخلاً محدوداً أو شاملاً، سيكون له تداعيات خطيرة على المنطقة بأثرها، ويشير إلى أن واشنطن تعلم أن هذا الأمر سينعكس على حلفائها في المنطقة خصوصاً إسرائيل.
أما بالنسبة إلى الرد الإيراني، يوضح زاده أن هناك إتفافية دفاع مشترك بين الحكومتين الإيرانية والسورية، وبالتالي تلتزم إيران الدفاع عن الشعب السوري بوجه أي إعتداء يتعرض له من قبل أي جهة، ويؤكد أن القيادة الإيرانية تدرس الخيارات التي لديها من أجل الرد على أي عدوان خارجي تتعرض له سوريا.
من جهته، يوضح حطيط أن الموقف الروسي سيكون داعما للنظام السوري على أكثر من صعيد، أولاً عبر تعرية أي قرار دولي من غطاء القانون الدولي من خلال إستعمال حق النقض في مجلس الأمن، ثانياً من خلال الافراج عن كل العقود العسكرية الموقعة بين البلدين، بالإضافة إلى الملحقات التي قد لا تكون مكتوبة، ثالثاً من خلال تغطيتها مع الصين الإقتصاد السوري عبر تقديم الدعم له.
ويعتبر حطيط أن المشكلة الأساس عند الغرب هي في مقارنته الحرب في سوريا بالحرب في ليبيا، مع العلم أن القدرات العسكرية التي لدى الجانبين لا تقارن من الناحية العملية، ويشدد على دور حلفاء سوريا في هذه المعركة في حال تطورت الأوضاع، ويؤكد أن هؤلاء لا يقاتلون دفاعاً عن الرئيس السوري بشار الأسد بل هم يدافعون عن أمنهم أولاً.