مرة جديدة تعود أصابع الإتهام لتوجه إلى السلطات السورية بالوقوف وراء ما يجري على الساحة اللبنانية من أحداث أمنية، بعد ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على الشيخ ​هاشم منقارة​ والموقوفين الشيخ ​أحمد الغريب​ ومصطفى حوري وكل من يظهره التحقيق، في جرم تأليف عصابة مسلحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدولة وهيبتها والتعرض لمؤسساتها المدنية والعسكرية وتشكيل خلية ارهابية ووضع عبوات وسيارات مفخخة وتفجيرها أمام المسجدين في الشمال، بالإضافة إلى الإدعاء على النقيب السوري محمد علي وعلى خضر العربان بجرم وضع سيارات مفخخة وقتل الناس.

ما حصل خلال الأيام الأخيرة في التحقيقات في تفجيري​ طرابلس​ أعاد إلى الذاكرة ما حصل بعد توقيف الوزير السابق ميشال سماحة، خصوصاً أن هناك مسؤولين سوريين متهمين في القضية نفسها.

التشكيك بالتحقيق

بسرعة قياسية، تمكنت التحقيقات التي يجريها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي من إلقاء القبض على المتهمين بالوقوف وراء تفجيري طرابلس قبل أيام قليلة، في حين لا تزال التحقيقات عاجزة عن كشف من يقف وراء التفجيرات العديدة التي وقعت في البلاد خلال السنوات الأخيرة، وبعد سلسلة طويلة من التسريبات المتضاربة كانت النتيجة النهائية أن هناك ضابطا سوريا متورطا في هذه الجريمة.

في هذا السياق، لدى قوى الثامن من آذار الكثير من الشكوك حول التحقيقات التي يجريها فرع المعلومات منذ سنوات طويلة، وهي عبّرت عن هذا الموضوع أكثر من مرة، لا سيما أن هذه التحقيقات تترافق دائما مع تسريبات إعلامية يكون الهدف منها الإستغلال السياسي.

ويؤكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​كامل الرفاعي​ في هذا السياق أن الشيخ منقارة لا يمكن أن يقوم بهذا الأمر بحسب معرفته به، ويعتبر أن القضية تثير الكثير من علامات التعجب والإستفهام، ويستغرب كيف أن التهم دائماً تطلق على من ينتمون إلى خط سياسي معين.

وعلى الرغم من كل ذلك، يدعو النائب الرفاعي، في حديث لـ"النشرة"، إلى إنتظار نتائج التحقيقات كاملة، ويعتبر أن التهم التي يتم الحديث عنها قد تكون ملفقة، لكن في النهاية سوف تظهر الحقيقة كاملة.

في الجهة المقابلة، يشير عضو كتلة "المستقبل" النائب ​سمير الجسر​ إلى أن الملف يجب أن يرسل إلى قاضي التحقيق من أجل متابعة التحقيقات مع المتهمين في المرحلة المقبلة، ويشدد على أن الموضوع يجب أن يترك للسلطات القضائية المستقلة من دون أي تدخل.

أما بالنسبة إلى توجيه الإتهام إلى أحد الضباط في الجيش السوري، يشير النائب الجسر إلى أن هناك إتفاقية موقعة بين البلدين تتعلق بهذا الأمر، لكنه يلفت إلى أنها اليوم "حبر على ورق".

ماذا بعد؟

على صعيد متصل، تطرح الكثير من الأسئلة في المرحلة الحالية حول طريقة متابعة هذه القضية من قبل السلطات اللبنانية في المستقبل، خصوصا بظلّ وجود اتهامات لمسؤولين في دولة أخرى.

وعلى هذا الصعيد، يعتبر النائب الجسر أن من الممكن المطالبة بإحالة الملف إلى الجامعة العربية أو إلى الأمم المتحدة، لكنه يلفت إلى أن هذه الخطوة يجب أن تقوم بها الحكومة اللبنانية، ويستبعد أن تقدم الحكومة الحالية على ذلك.

ويشير النائب الجسر إلى أن السلطات السورية من غير الوارد أن تتعاون مع التحقيقات القائمة في هذا الملف، كما حصل في قضية الوزير السابق ميشال سماحة، على الرغم من أن هناك إتهامات قضائية لا سياسية ناتجة عن التحقيقات وعن إعترافات الموقوفين، لكنه يؤكد أن القضية يجب أن تتابع ليعاقب المجرم في يوم من الأيام.

في الجهة المقابلة، يطالب النائب الرفاعي بحصول تحقيق شفاف بحضور محامين في هذه القضية قبل الإستمرار في توجيه الإتهامات عبر وسائل الإعلام، لا سيما أن هناك جهازا أمنيا معينا يريد أن يربط أي شيء يجري في لبنان بالأحداث السورية دائماً.

أما بالنسبة إلى احتمال سعي قوى الرابع عشر من آذار إلى نقل القضية إلى الجامعة العربية أو مجلس الأمن الدولي، يشير النائب الرفاعي إلى أن هذه الجامعة فاسدة، فهي التي قدمت المبررات من أجل أن تشن الدول الغربية حرباً على سوريا، في حين لا ثقة بمجلس الأمن.