تحولت مخيمات بيروت للاجئين الفلسطينيين وبالتحديد مخيما "برج البراجنة" و"صبرا وشاتيلا" مؤخرا أولوية أمنية يحاول "حزب الله" التعاطي معها بالكثير من الحذر بعد الاشكال الذي حصل عند مدخل البرج في 9 ايلول الماضي وتم تطويقه بعد ساعات قليلة خوفا من تمدده الى باقي المخيمات التي باتت تستوعب أعدادا هائلة من فلسطينيي سوريا وعناصر قد تحمل معها من الأراضي السورية مشاريع تستهدف الحزب ومعقله الذي يقع على رمية حجر من هذه المخيمات.
وتؤكد مصادر ميدانية أنّه، وبعد اشكال البرج، سعى أكثر من فصيل فلسطيني لنقل سلاحه من المخازن الى المكاتب الحزبية داخل مخيمات بيروت تحسبا لتطور الأمور عسكريا على الأرض، الا أن الحل السياسي الدبلوماسي كان أسرع فطوّق الاشكال لكنه لم يُعد السلاح الى مخازنه.
وتشير مصادر فلسطينية الى أن مخيم برج البراجنة الذي كان يحوي 25 ألف لاجئ فلسطيني قبل الأزمة السورية يحوي اليوم 30 ألفا بعد نزوح 5 آلاف سوري من أصل فلسطيني اليه، فيما يحوي اليوم مخيم "صبرا وشاتيلا" 25 ألفا بعدما كان عدد سكانه الفلسطينيين 17 ألفا.
وتقول المصادر: "اذا كان هناك تخوف على أمن برج البراجنة بما نسبته 10% فان التخوف على أمن "صبرا وشاتيلا" يفوق الـ90%". وترد المصادر ذلك لتشعب الفصائل والأحزاب والمنظمات الفلسطينية واللبنانية التي يحويها المخيم هذا اذا لم نتطرق للأفراد الذين يدخلون اليه بأجندات خارجية ويسعون ليكون المخيم نقطة انطلاقهم لتنفيذ مشاريعهم.
ولا يشبه "صبرا وشاتيلا" ذلك المخيم الذي كان عليه قبل 5 سنوات، فالتضخم السكاني الذي يعانيه والذي تحول بؤرة لكل الفقراء من لبنانيين وأجانب باحثين عن سقف أو نصف سقف يحميهم، فاق كل التوقعات وبات فلسطينيو "فتح" و"حماس" وسوريا يعيشون في نفس الشارع الذي تعيش فيه مئات العائلات اللبنانية المؤيدة لحركة "أمل".
أعلام الحركة انتشرت مؤخرا وبكثافة في أزقة "صبرا وشاتيلا" الذي بات يستقبلك أحد مداخله بشعار كبير يُذكّر بأن "السلاح زينة الرجال". في تلك الشوارع أيضا، صور لقتلى "حزب الله" في سوريا، تجاور صور الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات لتتداخل التناقضات الفلسطينية اللبنانية الى حدّ يدفع المتجول في تلك الأزقة للتساؤل: "كيف لم تنفجر الأوضاع هنا بعد وما الذي يهدّىء النفوس!"
ولا تنفي مصادر فلسطينية وصول المئات من الشبان الفلسطينيين أكان من حركة فتح أو القيادة العامة الى مخيمات بيروت قادمين من اليرموك السوري. هم وصلوا من دون سلاحهم الا أن السلاح موجود لكل هؤلاء وأكثر اذا ما دعت الحاجة، ودائما بحسب المصادر عينها.
ويتردد مراقبون في التعاطي مع المخيمات الفلسطينية المتواجدة في بيروت حاليا على انّها بيئة معادية لـ"حزب الله"، وتفضل مصادر مقربة من الحزب التأكيد على أنّ المخيمات تبقى بيئة صديقة وحليفة للحزب خصوصا أن الفلسطينيين الذين دخلوا لبنان من سوريا لم يتخط عددهم الـ10% من مجمل سكان المخيمات اللبنانية وبالتالي فان لا تغيير ديموغرافيا أثّر على طبيعة وسياسة المخيمات تجاه "حزب الله".
وتقول المصادر: "كما يعلم الجميع فان الفلسطينيين في سوريا تم زجّهم في الصراع القائم هناك رغما عنهم وبالتالي فان النازحين من سوريا وبالتحديد من اليرموك اذا كانوا يحملون من نقمة فهي نقمة على الجماعات المسلحة التي دفعتهم لمغادرة سوريا واللجوء الى لبنان وبالطبع ليست نقمة على حزب الله".
يبقى أن نلفت الى أن مؤشّرات الخلل الأمني أصبحت جاهزة، والطريق معبّدة للانفلات في ظل عدم وجود خطّة في الأساس لدى الدولة اللبنانية للتعاطي مع السلاح الفلسطيني المنتشر وبكثافة في كل من المخيّمين، فكيف مع الانتفاخ الحاصل فيهما نتيجة توافد عدد آخر من الفلسطينيين الهاربين من الحرب الجارية في سوريا؟! سؤال نضعه برسم المعنيين علّهم يستفيقون من سباتهم القاتل.