شكَّل "تأكيد المؤكد" البند شبه الوحيد في اجتماع فريق «14 آذار»، حيث استعرضت هذه القوى مساعي تأليف الحكومة التي لم تكن قد انطلقت من نقطة الصفر لتعود إليها.
البحث في عملية تأليف الحكومة انطلق من تشاؤم مردّه الى تمسك "حزب الله" بالثلث المعطل وبمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، وهو ما ترفضه "14 آذار"، التي لا تزال عند طرحها الأولي المتمسّك بالحكومة الحيادية، والتي لم تقبل أو ترفض حكومة الثلاثة أثلاث، في انتظار تذليل شرطَي الثلث المعطل ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة، وهو أمر بات مستبعداً، الى حدّ الاعتقاد بأنّ الحزب يعمل على الاستمرار في الحكومة المستقيلة حتى نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
وإضافة الى التداول في شؤون الحكومة المستحيلة، والتوافق على الفيتوات بالنسبة الى تأليفها، مع تسجيل تمايز كتائبي في ما يخص الحكومة السياسية التي يُسمّيها الحزب "حكومة الانقاذ"، شرح ممثّل الكتائب في اللقاء الموقف، مؤكداً رفض الثلث المعطل ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة، فبدا أنّ قوى "14 آذار" مجمعة على التعاطي بأسلوب واحد مع الجهود الهادفة لتأليف الحكومة، بغض النظر عن تشاؤمها بإمكان نجاح رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، في إنتاج حكومة قريباً.
وبالنسبة الى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، كان النقاش على درجة عالية من الوضوح. فقوى "14 آذار" تقدّر لبرّي ما يقوم به للخروج من النفق، لكنها ترفض ما ورد في المبادرة لجهة السلاح في الجنوب لأنه يشكل خرقاً للقرار 1701، وتعتبره التفافاً من "حزب الله" عبر مبادرة برّي على القرار، خصوصاً أنّ الحزب سبق له أن وافق على "اعلان بعبدا"، ثم سحب موافقته، واصفاً الاعلان بأنه "حبر على ورق"، وهو ما يطلق اسئلة عن مصداقية ومدى التزام ما يتم التوافق عليه.
في الشكل، نوقشت مبادرة برّي من زاوية كونها تشكل ازدواجية في مرجعية الحوار مع رئاسة الجمهورية، حيث يفترض أن تنحصر الدعوة الى الحوار وتحديد جدول اعماله برئيس الجمهورية، على أن تناقش الاستراتيجية الدفاعية، وأن لا يدخل جدول الاعمال في نقاش في شأن تأليف الحكومة، على قاعدة أنّ التأليف يحصل، لتتبعه مباشرة الدعوة إلى الحوار، لا العكس.
كيف سيكون التعامل مع المبادرة إذاً؟ لا الرفض ولا القبول يجيب أحد المشاركين، بل إعطاء المبادرة فرصة من باب رفع العتب في مرحلة اولى، على أن تتحوّل الاستفسارات الضرورية من برّي نفسه بعد اللقاء المباشر معه، الى قرار بالتعامل النهائي مع المبادرة، وقد تكون مشاركة كتلة "14 آذار" في الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب اللجان، إحدى الرسائل الايجابية تجاه رئيس المجلس ومبادرته.
على ايقاع حال الانتظار المفروضة بفعل الفراغ الحكومي، بحثَت قوى "14 آذار" الوضع في المنطقة، وما يجري في سوريا، ونتائج الحملة الاعلامية التي نظَّمها النظام السوري وحلفاؤه في قضية معلولا، وتم الاتفاق على ترتيب اتصال مع السفارة البابوية، لمواجهة الآلة الاعلامية والسياسية التي يهدف من ورائها النظام إلى الاستظلال بالكنيسة، والمتاجرة بما يسمّيه حماية الوجود المسيحي في سوريا والمشرق.
أعطت قوى "14 آذار" رئيس الجمهورية كل الدعم في تأليف الحكومة، وهي تراهن على أنّ سليمان وبعد عودته من نيويورك، لن يتأخر في تحريك عملية التأليف، لأن هذا التأخير بات يُهدِّد إذا ما وصلت البلاد الى نهاية الولاية بفراغ رئاسي، في ظل وجود حكومة مستقيلة وغير مستقلة، وتراهن هذه القوى على أن رئيس الجمهورية لن يستطيع الانتظار (كما أعلن بنفسه)، الى ما قبل شهر أو شهرين من نهاية الولاية ليؤلف الحكومة، وانه سيتخذ القرار الصعب، قبل ان تدخل البلاد في الفراغ الشامل.