أكّد المعارض السوري هيثم مناع أن "حجم خسائر سوريا قد تجاوز 350 مليار دولار خلال الثلاثين شهراً الأخيرة"، مرجّحا أن "يستطيع السوريون تجاوز مأساتهم بنهاية هذا العقد"، وشدد على أن "المفهوم الليبرالي من دون مقاربة اجتماعية غير قادر على تحقيق التوازن الضروري لتقليص التهميش في سوريا".
وأوضح مناع وهو رئيس هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي في المهجر لوكالة "آكي" الإيطالية للأنباء أنه "لدينا اليوم في سوريا أكثر من خمسين بالمائة من المجتمع عاطل عن العمل، وخمسة وأربعين بالمائة ممن يعمل لا يستطيع أن يكسب عيشه حتى آخر الشهر، فضلا عن تحطم 40ـ45%من البنية التحتية الصناعية في سوريا، ومعظم مصانع الأدوية تم تدميرها سواء من قبل النظام أم من المعارضة المسلحة، كما أن لدينا قوائم حصرية بمائة وعشر آلاف ضحية، و600ألف معاق من جرحى المواجهات المسلحة والحل الأمني العسكري، هذا إذا لم نتحدث عن 2.5مليون لاجئ خارج البلاد و4ملايين نازح داخل البلاد، لقد خسرت سوريا في مأساتها قرابة 350 مليار دولار".
وتابع أن "الأعداء كثر والمعركة صعبة جداً، لكن أعتقد أن أغلبية السوريين لم يعد لهم صوت منذ عسكرة الثورة وعندما أصبح السلاح بديلاً للعقل والحكمة، إن تلك الغالبية تفكّر بمستقبل المجتمع السوري خاصة وأن سورية أصبحت الآن تواجه خطر الوجود".
وعن المدة الزمنية المتوقعة لإعادة إعمار سوريا فيما لو تم التوصل لحل ينهي النزاع، رأى مناع أنه "لن يكون ملف إعادة الأعمار بمعزل عن طبيعة الحل السياسي، أي وضع الأسس لدولة قانون مدنية ومؤسسات ديمقراطية ومنظومة رقابة شفافة، إن الأساس في نجاح عملية إعادة الأعمار هو الانتقال من شعار لا شرقية ولا غربية إلى شعار الشرق والغرب من أجل الاستقرار البنّاء، ففي بناء المؤسسات خبرة الاتحاد الأوروبي ضرورية أما على صعيد البنيات التحتية فتفتح مجموعة البريكس آفاقا اقتصادية كبيرة بتكاليف مقبولة، وبالتأكيد نحتاج لليابان والولايات المتحدة في دفع عجلة التقنيات الحديثة في سورية للأمام، نحن بحاجة لعقل مرن متحرر من الإيديولوجيات الاقتصادية يربط بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وضغوط اقتصاد عالمي متأزم وجبان، إن العقلية السورية التي تعرف اقتصاد السوق واقتصاد الدولة منذ خمسة آلاف عام قادرة على استعادة قوتها بسرعة ولا شك بأن الدياسبورا السورية ستقوم بدور خلاق في هذه العملية" وفق قناعته.
وأضاف "بنهاية هذا العقد يمكن أن نبصر سوريا جديدة تتجاوز المأساة"، مشيرا إلى أن "تفاؤلا حذرا كهذا يحتاج لوقف العنف بأسرع وقت ممكن".
وفيما إن كان المجتمع الدولي والعربي سيدعم عملية إعادة الأعمار إن وضعت الحرب أوزارها، أجاب مناع المقيم في باريس "إن المجتمع العربي والدولي يعرفان جيداً أن سوريا ليست الضفة الغربية، أي أن اقتصاد المعونات والمساعدات لا يحقق استقراراً لا في الداخل ولا في الإقليم، من هنا لديه أحد خيارين، إما ترك الشعب السوري يقلع شوكه بيديه أو أن يكون طرفاً في إعادة البناء الذي يعود عليه بنفع كبير".
وعن احتمال العودة لنهج اقتصاد السوق كما كان ينتهج النظام ويريد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أجاب "لن أدقق كثيراً في كل ما يصدر عن الائتلاف، لكننا نتكلم عن عملية متكاملة بين الدولة السورية والقطاع الخاص تؤمن حقوقاً أساسية لقوى العمل وضمانات مركزية للقدرة المعاشية والشرائية للمواطن ومجانية لا غنى عنها للمعالجة الطبية والتعليم، إن المفهوم الليبرالي بدون مقاربة اجتماعية غير قادر على تحقيق هذا التوازن الضروري لتقليص التهميش وجماعية المشاركة في إعادة البناء".