بعد الإتفاق الروسي الأميركي حول السلاح الكيميائي السوري، كثير الحديث عن التمهيد لعقد مؤتمر جنيف الثاني في سبيل حل الأزمة السورية، لكن هذا الأمر لم يتحقق حتى الساعة، لا بل أن الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية عادت إلى نغمة التهديد باصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، وهو ما يعتبر من وجهة نظر العديد من المراقبين نوعاً من التصعيد في سياق الأزمة.
من الناحية المبدائية، لن يصدر أي قرار عن مجلس الأمن الدولي من دون موافقة كل من الصين وروسيا، وهذا الأمر قد يبدو من سابع المستحيلات في الوقت الراهن، لكن ما هو الدافع إلى الإستمرار في التهديد؟
السلاح الكيميائي والفصل السابع
لا يبدو أن التهديد بالفصل السابع مرتبط بالأزمة السورية على الإطلاق، وهو بحسب المعلومات يتعلق بالإتفاق الروسي الأميركي حول السلاح الكيميائي لا أكثر، ومن المستبعد في حال وروده في أي قرار دولي أن يكون بشكل مباشر.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو "الإئتلاف الوطني السوري" خالد الناصر أن التهديد مرتبط بالسلاح الكيميائي، ويشير إلى أن لا علاقة له بالمباحثات التمهيدية لعقد مؤتمر جنيف الثاني الذي سيبحث في مستقبل الأوضاع السورية.
ويلفت الناصر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن أن "الإئتلاف" المعارض لا يوافق على تحويل الأزمة السورية إلى أزمة السلاح الكيميائي فقط، ويشدد على أن الأمر يتعلق بشعب يواجه يستخدم مختلف أنواع الأسلحة لقمعه، وبالتالي كان من المفترض أن يتدخل المجتمع الدولي من أجل القيام بواجباته.
في الجهة المقابلة، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق بسام أبو عبدالله أن التهديد بالفصل السابع هدفه حفظ ماء الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، من أجل أن لا تكون في مظهر المنهزم على الساحة الدولية بعد فشلها في توجيه ضربة عسكرية لسوريا.
ويعتبر أبو عبدالله، في حديث لـ"النشرة"، أنه من هذا المنطلق بدأ التفاوض الروسي الأميركي الذي يؤكد أن هناك تحولاً في مسار الأمور، وبات من الضروري البحث عن الحلول الدبلوماسية، لأن التهديد باستخدام القوة لم يعد ينفع، لا سيما في ظهور العديد من المؤشرات على إنتقال الأحداث إلى الدول المجاورة، بالإضافة إلى التحول الحاصل على صعيد الرأي العام الغربي.
هل يُعقد مؤتمر جنيف الثاني؟
بالإنتقال إلى الحديث عن مؤتمر جنيف الثاني، يرى الناصر أن من الصعب عقد هذا المؤتمر في الوقت الحالي، ويشير إلى أن الظروف التي تشجع قوى المعارضة على المشاركة لم تنضج بعد، ويلفت إلى أن المطلوب الحصول على ضمانات بأن الرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى الشخصيات التي شاركت في قتل الشعب، لن يكون جزءاً من المعادلة السياسية في المستقبل، ناهيك عن ضرورة وقف عمليات القتل وإطلاق سراح المعتقلات من السجون.
وعلى الرغم من أن هذه المطالب تبدو غير منطقية في ظل الأوضاع الحالية على أرض الواقع، التي تظهر تقدم قوات الجيش السوري في المعارك، يشدد الناصر على أن من غير الممكن الموافقة على الدخول في أي عملية تفاوضية مع النظام الحالي بعد الجرائم التي إرتكبها، ويعتبر أن من المفترض أن يُعاقب على أفعاله لا أن يسحب منه سلاح الجريمة فقط، ويرى أن الوضع بات معقداً كثيراً، ويؤكد أن الصراع قد يكون أطول، ويضيف: "الشعب السوري منذ البداية كان مقتنعاً بأن التضحيات ستكون كبيرة، لكنها قد تكون أكبر مما توقع حتى في المستقبل".
في الجهة المقابلة، لدى أبو عبدالله قراءة مختلفة للوقائع، حيث يشدد على أن النظام السوري لن يوافق على الدخول في المفاوضات قبل وقف عمليات التسليح والتمويل، ويشير إلى أن هناك حراكاً دولياً على هذا الصعيد بين الجانبين الروسي والأميركي، بالإضافة إلى الدور الإيراني البارز في هذه المرحلة.
من وجهة نظر أبو عبدالله، سينتج عن مؤتمر جنيف الثاني منظومة اقليمية جديدة، ويشير إلى أن هناك سعي من أجل اقناع بعض الدول الاقليمية بأن الأمور إنتهت، ويتوقع عقد هذا المؤتمر قبل نهاية العالم الحالي، حيث يلفت إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة ترتيب بعض الملفات، خصوصاً ملف الانسحاب من أفغانستان الذي يتطلب تنسيقاً مسبقاً مع الجانب الإيراني.
أما بالنسبة إلى موقف "الإئتلاف" المعارض، يرى أبو عبدالله أنه يعبر عن مصالح الدول الكبرى التي ستفرض عليه الذهاب إلى المؤتمر عندما تريد هي ذلك.