اعتبر السيد ​جعفر فضل الله​ أن "في المنطقة العربيّة والإسلاميّة، تزداد وتيرة العنف الدامي، على وقع الحديث عن تسوياتٍ كُبرى يجري التحضير لها، وهذه التسويات تحتاجُ إلى لمساتٍ تُكتبُ بالدم ـ مع الأسف ـ في دليلٍ على أنّه ليس للإنسان أيُّ قيمةٍ في حسابات المستكبرين ومن يتحرّك في فلكهم.. وهذا ما نشهدُه في سوريا التي يستمرّ فيها العنفُ المدمّرُ لكلّ مقدّرات هذا البلد، والتفجيرات الجنونيّة التي ضربت العراق خلال الأيّام الماضية، وفي تصاعد العنف ضدّ المدنيّين في البحرين، ومصر وليبيا وتونس، وغيرها.. والعدوّ الصهيوني يستفيد من كلّ ذلك، ليسابق الزمن في تغيير الجغرافيا والتموضع السكّاني، بالمستوطناتِ والتهجير والتدمير والجرف والتهويد، وتهديد المسجد الأقصى واستباحته".

وأشار في خطبة الجمعة الى ان "ممّا يؤسفُ له، بعض ما يخرج به الإعلام، من أنّ بعض العرب ينسّقُ في تل أبيب المواجهة مع إيران، ولا نجد لفلسطين والقدس أيّ اهتمامٍ؛ لأنّ الكثيرين قد استقالوا من فلسطينَ منذ زمنٍ بعيدٍ، وسلّموا مفاتيحها للاحتلال الصهيوني، وهم ينتظرون أن يريحهم منها واقعيّاً".

وقال: يُطالعنا التقارب الأميركي الإيراني، والذي ينبغي متابعته بحذرٍ، في الوقت الذي ندرك فيه أنّ الحوار ينبغي أن يتحرّك على قاعدة المبادئ الإنسانيّة والإسلاميّة، وأنّنا نحاور الآخرين عندما يقتربون من مبادئنا تلك، ولكي يكون الحوار من أجل تثبيت مواقع القوّة للإسلام والمسلمين، والتي منها تثبيت حقّ شعوب المنطقة، وليس إيران فحسب، في إنتاج الطاقة النووية للأغراض السلميّة، العلميّة والتقنية والتنمية والتطوير، وكذلك لأجل وضع حدّ للعبث الاستكباري في دول المنطقة وتغييرها من الخارج بما يخدم مصالح المستكبرين بدلاً من خدمة مصالح شعوب هذه المنطقة".

واعتبر أنّ الحوار مع الغرب أمرٌ إيجابيّ، ولا سيّما في ظلّ تراكم المتغيّرات الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة العالميّة التي جعلت الكثيرين يتواضعون أمام الأسقف العالية في مقاربة القضايا الكبرى والحسّاسة، بما بات يهدّد السلم العالمي برمّته، مشيراً الى ان "المطلوب إسلاميّاً في هذا المجال، بيان القواعد الفكرية والشرعية للسياسة الإسلاميّة، لئلا يقع في أذهان العامّة من الناس، الاشتباهُ بين الأمور، أو أن يقع هؤلاء في فقدان الثقة بالإسلام نفسه، عندما يتحوّل الخطاب بين ليلةٍ وضُحاها من الشيطنة إلى اللقاء والمصالحة".

وشدد على أنه "من المهمّ أن لا يختلط على الناس الحوار مع أميركا وأي حوارٍ أو تلاقٍ مع كيان العدوّ؛ لأنّ المانع من الحوار مع العدوّ الصهيوني مانعٌ ذاتيّ؛ لأنّه ليس من حوارٍ مع المغتصبين والمحتلّين والذين يهدّدون الإسلام والمسلمين آنيّا ًواستراتيجيّاً، ظاهراً وباطناً؛ حيث المطلوب من هؤلاء هو الخروج من الأرض، وعندئذٍ لن يكون لدينا مشكلة مع يهوديّتهم التي هي دينٌ سماويّ نحترمه؛ أمّا قبل ذلك فهم ظالمون، والله تعالى قال لنا: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسنُ إلا الذين ظلموا منهم)".

في الشأن اللبناني، اعتبر السيد جعفر فضل الله انه "ينبغي أن يعي الناس والسياسيّون، أنّ مسألة النفط ليست قضيّة جزئيّة ترتبط بمرحلة أو بطبقة سياسيّة، بل هي متّصلة بمقدّرات البلد كلّه، وعلى مستوى المستقبل الكبير، ولذلك لا يمكن مقاربتها بعقليّة الزواريب، وتسجيل النقاط، ولا بذهنيّة المحاصصة، ولا الاستغراق في خصوصيّات المرحلة وتحدّياتها".

ورأى أن "المطلوب أن يكون لدى قادة البلد ذهنيّة منفتحة استشرافيّة، تتمكّن من التمييز بين الهامشيّات والأساسيّات، وتضع لكلّ أمرٍ ما يناسبه من الجهد والمناكفات، إنّ ما نسمعه من تصاريح وحوارات على وسائل الإعلام في ما يخصّ القضايا الكبرى التي تهمّ لبنان، يوحي بأنّنّا نفتقر في لبنان إلى قواعد للعمل السياسي الوطني، وأنّ كثيراً ممّن يصلون إلى المواقع السياسية لا يرتقون إلى مستوى تطلّعات هذا الشعب وهمومه ومشاكله، والتي آخرها غرق العبّارة التي تقلّ مستضعفين وفقراء ومساكين، استُغلّوا وخّدعوا؛ لأنّ كثيراً من السياسات أمعنت في المحافظة على بؤر الفقر والجهل غير واضحةٍ فيما يتّصل بمصالح الوطن والمواطنين".