بالرغم من مرور سبعة أشهر على تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل حكومة جديدة، فإن عملية ولادتها ما زالت بعيدة، على اعتبار أن عوارض الحمل لم تظهر بعد لعدة أسباب، يردها زوار بعبدا إلى ملف الغاز وما يتصل به من اشكاليات، ساعدت على تعميق الانقسام العامودي بين مكونات المجتمع السياسي المحلي.
تكرار المكرر يأتي هذه المرة نقلاً عن زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، فلب الخلاف بحسب ما لمسوا منه هو أبعد من شكل الحكومة وبيانها الوزاري ومن مشاركة "حزب الله" وحجم هذه المشاركة، باعتبار أن هذا الموضوع هو اقليمي بامتياز ويتعلق بشكل التسوية، وما اذا كان المطلوب لهذه المرحلة حكومة ادارة أزمة أو حكومة حل أو حتى حكومة تؤسس لحرب داخلية، خصوصاً أن ارتباط الأزمة السياسية في لبنان بالأزمة السورية حصل منذ ما قبل استقالة حكومة انجيب ميقاتي، وبالتالي فإن كل ما يحكى عن عراقيل داخلية لا يقع في مكانه الصحيح، انما حقيقة الأزمة السياسية هي خارجية المنشأ وتتمحور حول رفض بعض الدول العربية والخليجية ادخال لبنان في نادي الدول النفطية، أقله في هذه المرحلة تسهيلاً للسيطرة عليه وعلى مقدراته الاقتصادية.
والأكثر من ذلك، فإن هؤلاء لا يستبعدون أن يكون السبب الأساسي لالغاء الزيارة الرئاسية، التي كانت مقررة إلى السعودية، ومن بعدها إلى الامارات العربية، هو موضوع النفط وليس الملف الحكومي، لا سيما بعد أن جاء طلب تأجيل الزيارة من قبل المملكة والامارات وليس من قبل الرئاسة اللبنانية، خصوصاً أن المعلومات المتداولة في الكواليس تشير إلى انعدام وجود شركات نفطية خليجية على لائحة الشركات، وهي موزعة بين دول الأطلسي ودول البريكس التي تنتظر تقديم العروض للبدء بعمليات التنقيب، ما يعني أن لبنان في حال دخوله إلى نادي الدول النفطية لن يكون من البوابة العربية ولا الخليجية بل الأميركية أو الروسية.
في سياق متصل، يعرب هؤلاء عن خشيتهم من أن تكون العلاقات المتوترة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة، ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون من جهة ثانية، عائدة إلى هذا الملف وتفاصيله الكثيرة وليس إلى ملفات سياسية داخلية أو كهربائية، فلكل من الرجلين طموحاته بخصوص استثمار الغاز، والجهة أو الشركة التي سيرسو عليها التزام التنقيب، فوزير الطاقة والمياه جبران باسيل، وبصرف النظر عن تعاطيه مع هذا الملف الطارىء والحيوي، يسعى إلى تكريس أمر واقع ينطلق من خطوة ناجحة تعيد الاعتبار إلى الجهة التي يمثلها، بينما يرى بري في التنقيب عن الغاز استثماراً سياسياً ومالياً واقتصادياً، في ظل تسريبات تؤكد أن أحد المقربين هو وكيل احدى الشركات المهتمة باستخراج الغاز من الساحل اللبناني، وهذا ما يفسر اصرار بري على تلزيم البلوكات العشر دفعة واحدة ودعوته إلى جلسة حكومية نفطية، بشرط تلزيمها دفعة واحدة، ما يقفل الباب على باقي الشركات كما يحول دون انشاء شركة وطنية لعدم الحاجة اليها، في وقت يقول فيه المنطق القائم على خلافات مع اسرائيل بضرورة التلزيم السريع للبلوكات المتنازع عليها، ومن ثم استدراج عروض جديدة بالرغم من أن العروض النفطية والغازية عادة ما تكون عروض سياسية أكثر مما هي اقتصادية.