بين خطةٍ هنا واستنفارٍ هناك، يبقى الأمن الطرابلسي في صدارة التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، أمنٌ اشتعل أخيراً من خلال التفجيرَين الإرهابيّين اللذين ضربا المدينة، وأمنٌ مشتعل منذ سنوات طويلة من خلال ما يُسمّى بالمحاور التقليدية، التي لم تعالجها الدولة سوى بالمسكّنات الآنية التي لا تقدّم ولا تؤخر.
هذه المرة، قرّرت الدولة أن تنزل بعتادها وعديدها لضبط الأمن الطرابلسي، فكشفت النقاب عن خطة أمنية قرّرت وضعها حيّز التنفيذ في عاصمة الشمال. هكذا، تبلّغ قادة المحاور والمجموعات المسلحة على مختلف تشكيلها ضرورة "الانكفاء" و"الانطواء"، وذلك إفساحاً في المجال أمام تنفيذ هذه الخطة، التي حُدّد هدفها الأول باستعادة الثقة بالأجهزة الأمنية وبقدرتها على تطبيق القوانين المرعية الإجراء، خصوصاً بعد أن بلغت حالة الفلتان درجة استباحة الساحة الطرابلسية بكسر هيبة القوى الأمنية، الأمر الذي استدعى من الطرابلسيين استعادة شريط ذاكرة الحرب اللبنانية يوم كان امراء الزواريب يمسكون بالاحياء والشوارع ويستبيحون كل شيء.
عملياً، امتثل قادة المحاور لـ"التمنيات"، فضبضبوا عناصرهم وأسلحتهم وخففوا من ظهورهم المسلّح إلى حدّ بعيد، خرقه طبعاً "الإبتهاج الناري" بعودة أحدهم، سعد المصري، إلى بيروت من تركيا. ولكن، أبعد من ذلك، ماذا يحصل في كل ليلة في شوارع وأحياء طرابلس؟ ومن يطلق الرصاص العشوائي ويلقي القنابل؟ ومن يتحدى الدولة في طرابلس ولا يزال يمارس هواياته في ارهاب الآمنين وإشاعة القلق والخوف؟
يقول وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد مروان شربل أنّ الخطة الأمنية في طرابلس لا تزال في مرحلتها الأولى، على أن تنتشر القوى الأمنية لاحقاً في الأحياء والشوارع الداخلية. غير أنّ الطرابلسيين الذين حلموا بدخول الدولة إلى مدينتهم لعلّها تعيد الأمن والأمان إليها وتفكّك المجموعات المسلحة وتلاحق المتورطين باعمال ارهابية وبجرائم قتل وخطف واعتداءات واحراق محلات وجدوا انفسهم في مواجهة حواجز هاجسها الاول الميكانيك لجمع الاموال الى خزينة الدولة.. عدا عن اضافة عقبة جديدة امام حركة مرور السيارات بما تسببه الحواجز التي نصبت عند مداخل المدينة الجنوبية من ازدحام خانق غير مسبوق..
وسط كلّ ذلك، بقيت وتيرة إطلاق الرصاص والقنابل والاعتداءات وقطع الطرقات على حالها حتى ان بعض هذه الحوادث تقع بالقرب من الحواجز الأمنية، حيث لم تُبدِ العناصر المسلحة أيّ اكتراث لها، فمن المسؤول عن الاخلال بالامن في طرابلس؟
تشير مصادر طرابلسية إلى أنّ من يواصل ممارساته المسيئة للمدينة غير منتم الى اي مجموعة من مجموعات قادة المحاور بل هي مجموعات خارجة عن القانون اصلا من متعاطي المخدرات ومن المطلوبين بموجب مذكرات توقيف، وتعطي مثالاً على ذلك ( ا. د) وهو مطلوب بموجب مذكرات توقيف عديدة ويتعاطى المخدرات والخطة ليست بصالحه باعتبار أنها ستؤدي الى تضييق الخناق عليه وعلى امثاله. وهناك في احياء طرابلسية امثال (أ. د) كثر يتجمعون ليلا وينطلقون لممارسة اعمال التحدي للخطة الأمنية، التي تؤكد المصادر أنها لن تحقق أهدافها قبل ان تضع حدا لكل ظهور مسلح وتوقيف المرتكبين ومنع قطع الطرقات واوصال المدينة حيث ضاق المواطنون ذرعا بهذه الحالة المستشرية.