أضاف اكتشاف المسؤولين عن تفجيرات طرابلس إلى تأليف الحكومة عبئاً جديداً، إذ أصبح السؤال بعد انكشاف «مسؤولية» النظام السوري عنها، مرتبطاً بقدرة أيّ طرف على الجلوس الى طاولة واحدة مع حلفاء هذا النظام الذين يغطّون حصول التفجيرات.
هذا الواقع يجعل من جهود رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلّف تمام سلام، الهادفة الى تأليف حكومة تضمّ جميع الأفرقاء، في وَضع صعب، وبات يُملي عليهما التفتيش عن خيار آخر يشبه تجَرُّع الكأس المر.
يدرك سليمان وسلام هذا الواقع الصعب، لكن الأهم الآن على جدول أعمال رئيس الجمهورية هو السباق مع الوقت لعودة إحياء المؤسسات، ولَو في نطاق عملها بالحد الادنى. وهذا يفترض، على حد ما يُنقَل عن رئيس الجمهورية، المتخوّف من حصول شلل في الدولة، أن يتمّ تأليف حكومة، وأن يجتمع مجلس النواب، وأن يتمّ تفعيل القضاء وحماية القضاة الشجعان، وأن تحصل الانتخابات الرئاسية بحيث لا يترك قصر بعبدا إلّا ويكون رئيساً آخر قد انتُخِب، بولادة غير قيصرية، أسوَة بكلّ الولادات القيصرية للرؤساء الجدد منذ عهد الرئيس سليمان فرنجية إلى اليوم.
وعن تأليف الحكومة، يُنقل عن أوساط سليمان اعتباره أنّ المشكلة ليست عنده، فالقوى السياسية لا تساعد في ولادتها، أمّا في حال تأليف الحكومة استباقاً للفراغ ولانتهاء الولاية الرئاسية، فإن هذه الحكومة، في نظر بعبدا، تبقى حكومة قائمة ولو لم تـَنل الثقة، والحكومة المستقيلة لا يمكن تعويمها.
قفزت أحداث طرابلس الى الواجهة، فما قام به فرع المعلومات كان أشبه باعتقال الوزير ميشال سماحة، والمسؤولية المترتبة على رئيس الجمهورية باتت أبعد من مجرّد استقبال المدير العام لقوى الامن الداخي العميد إبراهيم بصبوص ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، مثلما كان استقبل قبلهما اللواء أشرف ريفي واللواء وسام الحسن.
تأثير اكتشاف شَبكة طرابلس ومسؤولية النظام السوري وحلفاؤه عن التفجيرات، يمكن أن يتعديا مجرد تعقيد تأليف الحكومة الى تفجير المدينة، إذا لم يذهب الملف الى القضاء لكي يتخذ الإجراءات اللازمة التي تمنع تحوّل هذه التفجيرات مشكلة سنية ـ علوية في المدينة. من هنا يأتي كلام سليمان المهمّ عن حماية القضاء، وعن تحصين القضاة الشجعان، الذين قد يتولّون هذا الملف أو غيره من الملفات الأمنية.
في تحديد المسؤوليات على طريق مَنع انفجار طرابلس، خطوات يجب ان تتخَذ للفصل بين منفّذي التفجيرات والطائفة العلوية. هذا الفصل يقطع الطريق على الاصطدام المذهبي، وعلى الغضب الذي نتج من معرفة الحقيقة.
لكنّ كلّ ذلك لن ينجح إذا أُقفِل الملف قبل أن يصِل الى تحديد المسؤولين الحقيقيين، الشركاء للنظام السوري، وذلك أسوَة بملف سماحة الذي بدأ باعتقاله مُتلبّساً، وتوقّف عند هذا الحد لتَعَذّر محاكمة رموز النظام الذين كلّفوه القيام بالتفجيرات.
خَطّ سَير السيارتين المفخختين، يعني كثيراً. من داخل سوريا الى منطقة البقاع، الى القبيات البلدة المسيحية، ومن ثم الى جبل محسن، فالهدف المقصود هو في طرابلس. وتشبه الرحلة المفخخة خريطة طريق الى الفتنة الشاملة، ولهذا يفترض الرد عليها بقَطع الطريق على الفتنة التي يحاول النظام، عبر تفجيرَي طرابلس، أن يُحدثها.
وكما بَدا لأكثر من جهة مراقبة، فإنّ تفجيرات الضاحية وطرابلس على حدّ سواء، نُفّذت لإشعال الفتنة، وهذه التفجيرات تقترب من تحقيق هدفها في طرابلس، إذا لم يتمّ استكمال الملف بما يتخطى اكتشاف المنفذين المباشرين، الى تحديد الجهات اللبنانية التي تقف وراءهم، والتي كان لها دور أساسي في التحضير والتحريض، وفي إشعال طرابلس أمنياً بطلب من النظام السوري وحلفائه.