لفتت امانة سر المجمع الانطاكي المقدس في البلمند في بيان بعد انعقاد المجمع الإنطاكي المقدس بين الخامس عشر والسابع عشر من شهر تشرين الأول 2013، في دورته العادية الثانية برئاسة صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر، الى ان "الآباء تداولوا المجمع بعض المسائل التي تهم الكنيسة الأرثوذكسية الجامعة. وشددوا على ضرورة التنسيق المستمر بين هذه الكنائس من أجل تفعيل الحضور الأرثوذكسي في العالم ومن أجل شهادة حية تقول المسيح للانسان المعاصر. وفي هذا المجال شدد الآباء على ضرورة التعاون بين الكنائس الأرثوذكسية لإظهار وحدة كنيسة المسيح بشكل أمثل، ولتسهيل انعقاد المجمع المقدس الأرثوذكسي الكبير".
وعرض آباء المجمع واقع أبرشية أوروبا التي شغرت بانتخاب صاحب الغبطة على السدة البطريركية. وبعد أن تبين لهم أن تنامي هذه الأبرشية واتساع رقعتها وتعدد لغاتها وازدياد عدد أبنائها يتطلب إعادة النظر بحدودها من أجل رعاية فعالة، قرروا استحداث الأبرشيات والمعتمديات التالية في المدى الأوروبي: أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية، أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى، أبرشية الجزر البريطانية وإيرلندا، ومعتمدية السويد والبلدان الاسكندنافية. وانتخبوا الأسقفين: إغناطيوس الحوشي متروبوليتا على أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية وإسحق بركات متروبوليتا على أبرشية ألمانيا وأوروبا الوسطى. وفوضوا البطريرك تعيين معتمد بطريركي يدير أبرشية الجزر البريطانية وإيرلندا بالرجوع إليه إلى حين انتخاب متروبوليت عليها.
وتوجه آباء المجمع إلى المجتمع الدولي، راجين أن يلتفت هذا المجتمع إلى آلام الشعب السوري وعذاباته، وأن يقلع عن تأجيج الحرب الدائرة، وأن يساهم بترسيخ قيم السلام والعدل والديمقراطية وأن يستثمر بالإنفاق على إعادة بناء ما تهدم وتنمية قدرات الشعب السوري بدلا من استثماره في الحديد والنار. وكذلك حض آباء المجمع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وجميع الهيئات المعنية بشؤون النازحين، إلى تأمين مستلزمات الحياة الضرورية لهؤلاء على أبواب الشتاء ليعيشوا بكرامة فيما هم يتنظرون عودتهم إلى مدنهم وقراهم.
وكرر آباء المجمع استنكارهم للعمليات الإرهابية التي تطال المواطنين الآمنين وللدمار الذي لا يوفر دور العبادة والمعالم التاريخية والثقافية الشاهدة على عراقة الحضارة السورية. وتوقفوا بأسى عند الغموض الذي يكتنف قضية المطرانيين المخطوفين، بولس (يازجي) ويوحنا (إبراهيم). ودعوا المجتمعين الدولي والعربي إلى تحمل مسؤوليتهما في هذا الشأن لجلاء الحقيقة ولكشف مصير المطرانين وجميع المخطوفين وإعادتهم سالمين إلى أهلهم وأحبائهم. واستمطر آباء المجمع الرحمة الإلهية على نفوس الشهداء الأبرياء الذين قضوا خلال هذه الحرب المدمرة، خاصين بالذكر الكهنة الذين قضوا وهم يبلسمون جراح رعاياهم.
والتفت الآباء إلى لبنان، الذي يعاني أبناؤه من أزمة اقتصادية خانقة ومن قلق على المصير نتيجة الإمعان في تعطيل مؤسسات الدولة. وناشدوا جميع الأفرقاء والمسؤولين تحمل مسؤولياتهم في سبيل إنقاذ لبنان ونمو إنسانه. وحضوهم على الحفاظ على قيم الديمقراطية والحرية وتداول السلطة التي لطالما ميزت لبنان، ودعوهم إلى تحصين لبنان وتجنيبه المخاطر المحدقة به من كل صوب من خلال التعالي عن مصالحهم الضيقة وتجاوز خلافاتهم الآنية والعودة إلى الحوار بروح المصارحة والمصالحة، والمسؤولية الوطنية والتاريخية، وذلك بضرورة تشكيل حكومة جامعة تكون قادرة على درء المخاطر والمحافظة على الاستقرار تجنبا للوقوع في اتون الفراغ، حفاظا على السلم الأهلي.
ولم يغب العراق المعذب عن هموم آباء المجمع وكذلك فلسطين الجريحة. فصلوا لكي يثبت الرب العراق وفلسطين وجميع الدول العربية على طريق الاستقرار والسلام. وشددوا على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية المحقة.
كذلك أطلع البطريرك يوحنا العاشر المجمع على زيارته المملكة الأردنية الهاشمية للمشاركة في مؤتمر "التحديات التي تواجه المسيحيين العرب"، وللقاء الملك عبدالله الثاني، حيث تسنى له التعبير عن موقف الكنيسة الأنطاكية من الأحداث التي تشهدها المنطقة، مشددا على ضرورة العمل من أجل السلام وحرية وكرامة الإنسان العربي ومبينا مدى تجذر المسيحيين في أوطانهم والتزامهم بقضاياها ومدى تفاعلهم مع إخوتهم المسلمين على مر التاريخ. وأطلع المجمع أيضا على زيارته لحاضرة الفاتيكان ولقائه بقداسة البابا فرنسيس ومشاركته في اللقاء الذي نظمته جمعية سانت اجيديوحول "الشجاعة في الرجاء، حوار الأديان والحضارات"، حيث تم تظهير الموقف الأنطاكي من المسائل المطروحة ولاسيما معاناة الشعب السوري ودور وشهادة المسيحيين في الشرق. وقد شكلت الزيارة فرصة لاستعراض آفاق التعاون بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية من أجل تفعيل شهادة المسيحيين في الشرق وفي عالمنا اليوم، ومن أجل كرامة ورقي الإنسان وتوطيد قيم الحرية والعدل والسلام في العالم.