ذكرت "الاخبار" ان "ثمة استتباعات أبعد أثراً وأكثر عمقاً للتغيير القطري تجاه الملف السوري". وبحسب معلومات متقاطعة، فقد جسّت قطر، في الأسابيع الأخيرة، وبالتزامن مع دورها في إنهاء ملف مخطوفي أعزاز، نبض دمشق في شأن تصحيح العلاقة معها. واعتمدت لتحقيق هذا الهدف أكثر من قناة، حفلت كل منها بنوعية معينة من "العروض" التي أرسلتها الدوحة إلى العاصمة السورية. وتزامنت هذه الرسائل مع ما يمكن تسميته "بادرات حسن نية من طرف واحد"، كان أبرزها سحب الدوحة أخيرا يدها من لعبة الضغوط التي مارستها لأشهر على الليرة السورية، إلى جانب دول خليجية أخرى، وبالتواطؤ مع أوساط لبنانية.
وتؤكد مصادر خليجية أن "نقطة الذروة في مسعى الحكم القطري الجديد لطيّ صفحة العداء للنظام السوري، حدثت نهايات الشهر الجاري بالتزامن مع إعلان الدور القطري في إنهاء ملف مخطوفي أعزاز ، وتمثلت في "سلة عروض" للرئيس بشار الأسد مباشرة من الأمير تميم بن حمد آل ثاني، وتضمّنت أساساً نقطتين اثنتين هما: أولاً، استعداد الدوحة لوقف الحملة الإعلامية التي تشنّها قناة "الجزيرة" على النظام، وثانياً التعهد بتمويل عملية إعادة إعمار في سوريا، إضافة إلى التعهد بعدم إقدام الدوحة بعد الآن على ما يضر بالأمن المالي السوري".
وكشفت المصادر نفسها أن "الرئيس الأسد قارب مبادرات انفتاح الحكم الجديد في قطر بشيء من التأني المشوب بالكثير من الحذر. وهو ردّد أمام حاملي الرسائل القطرية أن ممارسات الدوحة في سوريا بالعامين الماضيين أراقت دماءً سورية، وبناءً عليه، مشكلة قطر ليست فقط مع الدولة، بل مع الشعب السوري أساساً". ومن وجهة نظر هذه المصادر، فإن عبارة "شكراً قطر" التي شكلت عنواناً لمرحلة علاقات الدوحة بكل من حزب الله وسوريا خلال مرحلة ما قبل اندلاع الأزمة السورية، ليست سهلة إعادة تسويقها، رغم السخاء الذي يبديه الأمير تميم في عروضه، كمقابل لإعادة عقارب ساعة العلاقات القطرية السورية إلى ما قبل عام 2011. فالسوريون مصرون على أخذ مجموعة أمور في الاعتبار لدى تقويمهم لعلاقتهم المستقبلية بالدوحة، منها أنه لا يمكن دمشق التعامل مع ما قامت به قطر طوال الأزمة على أنه سحابة عابرة يمكن نسيانها بسهولة".
وتلفت المصادر إلى أن "قطر حفرت هوة سحيقة مع الشعب السوري، يحتاج ردمها إلى ما هو أكثر من قرار سياسي بتصحيح العلاقة. فلقد مول القطريون مسلحين يتحركون وفق خطط إرهابية، وشنت "الجزيرة" حملة إعلامية استهدفت قتل الشخصية الوطنية السورية".