لا تزال المؤسسات الإنسانية والخيرية في لبنان تجهد لشقّ طريقها في صلب المجتمع اللبناني الذي لا يولي أهمية لقضاياه الإنسانية، فنرى المؤسسات تولد من رحم المبادرات الخاصة، في ظل غياب دعم صريح من الدولة اللبنانية لنشاطها.
ولعلّ جمعية "أوكسيليا لبنان" خير مثال على هذه الجمعيات التي ولدت ونشأت وتطورت بفضل جهود القطاع الخاص، حيث تأسست عام 1993 من خلال جهود مجموعة من خريجي رابطتي طب الأسنان والطب العام في الجامعة اللبنانية، مستعينين بأصحاب الخبرة والاختصاص في مجال العمل الانساني، واضعين نصب أعينهم عددا من الأهداف شكلت "المحافظة على وحدة العائلة التي فقدت معيلها وإبعاد شبح الميتم عن الأطفال"، الإطار الأساسي لها. وتسعى "أوكسيليا" من خلال نشاطها إلى تدريب وتأهيل الأمهات ومساعدتهن لايجاد فرص عمل، فضلا عن تدعيم التواجد المسيحي في مناطق الأطراف. ولا يقتصر عمل الجمعية على الجغرافيا اللبنانية، بل يتعداها إلى دول الإنتشار، حيث تقيم الجمعية مكاتب لها في كل من أميركا وكندا وفرنسا.
وفي حديث إلى "النشرة"، يشرح رئيس جمعية "أوكسيليا لبنان" أسعد نصر الأهداف الأساسية التي نشأت من أجلها الجمعية، لافتا إلى أن "أوكسيليا تهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على وحدة العائلة بعد وفاة المعيل أو إصابته بإعاقة وهي ترفض بقاء الأولاد بعهدة المياتم إلا في حالات إستثنائية"، مشيرا إلى "اننا نحاول في هذه الحالات إستئجار منزل للوالدة وتأمين وظيفة كريمة لها، فضلا عن تأمين التعليم للأولاد".
وعن أهم الأهداف التي ترنو إليها الجمعية، يشير نصر إلى "أننا نحاول تجذير العائلات، وخصوصا المسيحية منها، في مناطق الأطراف وتأمين فرص عمل لها هناك إيمانا منّا بالعيش المشترك ونظرا لظروف المنطقة"، قائلا: "نساعدها على البقاء كي لا تبيع أرضها وتهاجر".
وتعوّل الجمعية على دور الإغتراب اللبناني في حث اللبنانيين عمومًا والمسيحيين خصوصًا على البقاء في أرضهم، حيث يلفت نصر إلى أن "الإنتشار مهم جدا لنا للتواصل بين المقيم والمغترب، وذلك للمحافظة على وحدة العائلة ودعمها كي لا تضطر لهجرة لبنان".
وإذ يعتبر أن "المساعدة التي تُقدّم من الإغتراب هي ضريبة بقاء مجتمعنا اللبناني والمسيحي بأرضه ووطنه كي لا نضطر لدفع ضريبة العودة لاحقا كما يحصل مع الشعب الفلسطيني اليوم"، يشدد على "أهمية التواصل مع الإغتراب"، موضحا أن "غاية مكاتب الجمعية في دول الإنتشار خلق مجموعات عمل للقيام بنشاطات لإيصال رسالة الجمعية إلى المغتربين ودفعهم لتبني عائلات محتاجة أو تأمين مساعدات لهم".
هذا ويتوجه نصر إلى كندا في 8 الجاري حيث سيتم إعلان افتتاح مكتب للجمعية في مونتريال في 10 الجاري، تتولى تنظيم نشاطاته السيدة ميشلين هلال، بالإضافة إلى زيارته مكتب الجمعية في أوتاوا لنشر رسالة "أوكسيليا" في كندا، قبل أن يتوجه بعدها إلى ديترويت في أميركا لإعلان انطلاقة جديدة للمكتب هناك وتعيين مسؤولة جديدة عنه، بوجود عدد كبير من الفاعليات اللبنانية والوفود الرسمية هناك.
ويرى نصر أن "أهمية هذه المكاتب تكمن في حث الناس على العمل من أجل لبنان ومسيحيي لبنان"، مشيرا إلى أن "الربيع العربي يطرح تساؤلات عن مصير المسيحيين الذين يتعرّضون يوميا لعروضات وإغراءات كثيرة للهجرة".
ويدعو "كلّ من لديه طاقة للعمل تطوعيا مع الجمعية في سبيل الحفاظ على وحدة العائلة وإبقاء المسيحيين في أرضهم"، مؤكدا "مد اليد للجميع في هذا الإطار"، لافتا إلى "مشاريع عديدة تحضّر لها الجمعية تزامنا مع إقتراب الإحتفالات بعيد الميلاد".
لا شكّ أن المنظمات الإنسانية تساعد في الحفاظ على وحدة العائلة وتثبيت اللبنانيين بأرضهم وغيرها من الأهداف السامية، فمتى تتعلّم الدولة تنظيم أولوياتها وترقى بالعمل الإنساني والإجتماعي لمراتب أعلى؟
تقرير ريما أبو خليل