واقعٌ صعب انعكس بالسلب على مشهد الحياة في قطاة غزة، وآلاف العمال الفلسطينيين أصبحوا في دائرة العاطلين عن العمل، بعد أن تراكمت الأزمات التي يعاني منها الغزيون في القطاع، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لـ(18) ساعة يومياً نتيجة توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة عن العمل بسبب نفاد الوقود الذي يدخل من الجانب الإسرائيلي بعدما توقف إدخال المصري عبر الأنفاق، وخلافات متعلقة بالضرائب بين حكومة "حماس" المقالة في غزة، والحكومة الفلسطينية في رام الله، إضافة إلى النقص الحاد في مواد الخام، ما دفع بالكثيرين من أصحاب المصانع إلى إغلاقها بجانب الكثير من المرافق الاقتصادية والصناعية.
أزمات جديدة-قديمة تسبّبت في ارتفاع معدّلات البطالة، وألحقت خسائر مالية كبيرة في مختلف القطاعات وليست فقط الصناعية منها، في ظل غياب حلول جذرية لها، ما يفاقم معاناة 1.800 مليون نسمة يعيشون تحت حصار خانق فرضته إسرائيل منذ سبع سنوات، وانقسام فلسطيني حاد ألقى بظلاله على مختلف جوانب حياتهم.
المشهد أصبح قاتماً
في هذا السياق، يقول رضوان شحادة صاحب أحد مصانع الباطون في غزة، إنّ انقطاع التيار الكهربائي دفعه إلى إيقاف العمل في المصنع، الذي يعمل فيه ما يقارب الـ(20) عاملاً، ما اضطرهم إلى الجلوس في منازلهم دون وجود رواتب لهم، وحتى مستحقاتهم السابقة لم يتسلموها لأن المصنع متوقف.
وفي حديثه مع "النشرة"، لفت شحادة إلى أن المصنع كان يعمل بشكل جيد قبل الأزمات التي تعصف بقطاع غزة، سيما وأنه يعتبر ركيزة أساسية لبناء المصانع والأبراج والمنازل وغيرها، لكنها اليوم توقفت نتيجة عدم وجود الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء، ومنع إدخال المواد من قبل الجانب الإسرائيلي لغزة.
وأضاف شحادة: "التيار الكهربائي هو العمود الفقري لعملنا، حاولنا جلب مولدات كهربائية لكن للأسف انقطع السولار والبنزين والغاز، الكل متوقف، وهذا ينعكس سلباً على الجميع".
ولفت صاحب مصنع الباطون إلى أن المشهد أصبح قاتماً في غزة، بعد تزايد الأزمات التي يعاني منها سكان القطاع، والتي تعتمد معظمها على الوقود والكهرباء.
ماذا نفعل؟
حال شحادة كحال الكثيرين من أصحاب المصانع التي أوقف العمل بها في غزة نتيجة اشتداد الأزمات، ومشابه لصاحب مصنع الأحجار رأفت صالحة، الذي قال لـ"النشرة" إنه اضطر إلى إغلاق المصنع الذي يعمل به قرابة الـ (30) عاملاً منذ أكثر من أسبوعين، نتيجة لعدم توفر الكهرباء والسولار اللازم لتشغيل المصنع.
ويقول صالحة: "هذه المنطقة يوجد بها 5 مصانع ويعمل بها عشرات العمال الفلسطينيين، الآن أغلقت ولا يوجد رواتب لهم ولأسرهم وأطفالهم، ولا حتى فرص عمل أخرى".
وتابع: "لا يوجد اسمنت ولا حصمة ولا سولار ولا كهرباء، ماذا نفعل، أيعقل أن يبقى حالنا هكذا ولا أحد يلقي اهتماماً بنا؟"
وأوضح صالحة أن المصنع كان ينتج (2000) حجر بالمعدل اليومي، وهو الآن متوقف وهذا انعكس سلباً على قطاع البناء، محملاً مسؤولية ذلك للمسؤولين الفلسطينيين.
كارثة اقتصادية محتملة
من جهته، أكد رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية علي الحايك، أن القطاع الصناعي في قطاع غزة هو الأكثر تضرراً نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وعدم تزويد محطة الكهرباء بالوقود، محذراً من كارثة اقتصادية سيمر بها القطاع الاقتصادي بصورة عامة والصناعي بصورة خاصة، إذا ما استمر الوضع القائم على حاله.
الحايك الذي أشار إلى أن الكهرباء تعتبر من الموارد الأساسية لتشغيل المصانع في غزة، أكد في حديث لـ"النشرة" توقف العشرات منها، مؤكداً أن كارثة اقتصادية بدأت تعم على القطاع الصناعي نتيجة عدم توريد البترول واغلاق الأنفاق على الحدود الفلسطينية – المصرية، إضافة إلى المعابر التي ما زال الجانب الإسرائيلي يسيطر عليها ويمنع إدخال الكثير من مواد الخام لغزة خصوصاً الصناعية منها.
وشدد الحايك على أن هناك أزمة كبيرة يمر بها قطاع غزة، تتمثل في النقص الحاد في الوقود الإسرائيلي نتيجة عدم ضخ كميات كافية لمحطة التوليد، وهو ما تسبب بتضرر القطاع الصناعي بشكل كبير، فضلاً عن احداث ما وصفه بـ"الدمار الاقتصادي" والانساني في القطاع، تمثل في شلل وجود شلل كامل نتيجة عدم توريد البترول وتزويد محطة الكهرباء والمصانع.
وأضاف رئيس اتحاد الصناعات: "هناك توقف كامل للطاقة الصناعية والانتاج الصناعي ولا نستطيع أن نعمل على السولار الاسرائيلي بسبب ارتفاع سعره أيضاً".
وتابع: "جميع المباني الانشائية والمشاريع التي تقوم بها المؤسسات الدولية وحتى المباني المحلية توقفت نتيجة منع الجانب الاسرائيلي من ادخال مواد البناء للقطاع".
أخيراً، تبقى معاناة الغزيين مستمرة في ظل حالة الانقسام الحالي والتجاذبات السياسية التي تؤثر على مختلف جوانب الحياة في غزة، إلى جانب عدم تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية والتحرك لضمان تزويد قطاع غزة بالطاقة الكهربائية والوقود والمحروقات، والضغط على إسرائيل لإلزامها باحترام مسؤولياتها كقوة احتلال تجاه الفلسطينيين، بما يضمن ذلك توفير كل الخدمات التي لا غنى عنها يومياً للسكان هناك.