فرض التفجيران الانتحاريان اللذان ضربا محيط سفارة ايران أول من أمس تحدّياً كبيرا على الاجهزة الامنية اللبنانية وصعوبات جدية في امكان مواجهة مثل تلك العمليات او تعطيلها، نظراً الى اسباب عدة، منها:
اولاً - استمرار سياسة الحدود المفتوحة مع سوريا امام اللاجئين.
ثانياً - افتقار الاجهزة الامنية الى عدد وعديد وذخائر.
ثالثاً - اراحة الجيش السوري الذي يقاتل من اجل النظام، وذلك بعدما احتجت الولايات المتحدة الاميركية وشركاء أوروبيّون وبعض العرب على كثرة التنظيمات المتطرفة التي تحارب قوات النظام ومن يحاول من المعارضة الحد من تغلغلها وخوض معارك لإرضاء الولايات المتحدة وحلفاء لها يرتابون في تنظيم "القاعدة" وما يتفرع منه من اصول.
ولم يخف المسؤولون الامنيون الكبار ان المهمة المطلوبة ليست سهلة لكل تلك الاسباب، لان لوائح الحماية المطلوبة كثيرة، منها ما هو للحزب والاخرى لبعض البعثات الديبلوماسية الاكثر تعرضا.
طلب مجلس الدفاع الاعلى من قادة الاجهزة اهدافا كثيرة، وكانت الاجوبة الاستعداد بقدر ما تسمح به الامكانات من ضبط للحدود، ليس فقط البرية، بل المطار والمرافىء وقضايا لوجيستية وفنية.
وامتنع اكثر من مسؤول في جهاز امني بارز عن تأييد ما دأب على طرحه نائب وزير الخارجية الايراني حسين عبد الامير اللهيان منذ وصوله الى بيروت ليل الاثنين - الثلثاء هو صيغة "أمن لبنان من أمن إيران"، لان ذلك سيفتح الكثير من الملفات الايرانية مع العديد من الدول، وبذلك يتحول لبنان ساحة لتصفية الحسابات. ولفت المسؤول الى ان تلك الصيغة صالحة مع دولة جارة ذات حدود مشتركة، اذا لم يكن بالكامل، فجزئيا على الاقل، كسوريا والاهداف الامنية تكون متقاربة والعدو قد يكون واحدا. ولم يسلم بما قاله اللهيان في قصر بسترس لجهة نظرية ضرورة التلاقي والتعاون مع دول الجوار في المنطقة، فبيروت ليست مجاورة لطهران، لكن ذلك لا يعني ان ليس في وسع العاصمتين التعاون والتنسيق لكشف مرتكب جريمة الجناح التي استنكرتها الدول الكبرى وبعض الدول الصغرى ، المؤيدة للنظام وتلك التي تعاديه.
ويأخذ الخبراء في الاجهزة الامنية في الاعتبار ان ايران دولة قادرة على ان ترد، نظرا الى الامكانيات العسكرية التي تمتلكها ومهارة رجال امنها وتفوق استخباراتها، وللمرة الأولى يستهدف المفجرون هدفا ايرانيا هو مقر السفارة التي تعتبر محصنة امنيا ولا احد يمكن ان يستهدفها غير ان كتائب عز الدين عزام ضربت امن السفارة وأسقطت الملحق الثقافي وامرأة ايرانية ورئيس الحرس وآخرين من الذين صدوا بدمائهم منع اقتحام السفارة بسيارة مفخخة بـ 60 كيلوغراما. الا ان اللهيان اكد امام اكثر من مسؤول ان بلاده لن تغير سياستها من جراء استهداف مقر السفارة، وان الامن كل لا يتجزأ وصونه مسؤولية جميع دول المنطقة باستثناء اسرائيل.
واشار الى ان الصعوبة تكمن في ان الانتحاريين قرّرا بيروت للرد على "حزب الله" لانه يقاتل الفصيل الذي ينتميان اليه، ولا سيما بعد استرجاع بلدة قارة التي لها موقعها المسهّل على الحدود اللبنانية - السورية. كما ان لايران اهدافاً اخرى في مناطق اخرى، ويأمل المسؤولون عدم فتح الباب امام هذه المواجهة التي لا احد يمكن ان يتكهن بما ستسفر عنه في حال استمرارها.