تفجير للسفارة الايرانية في بيروت أم رسالة للقاء المنعقد في جنيف بين إيران ومجموعة الدول الست؟ سؤالٌ مشروعٌ طرحه سياسي مخضرم في ظلّ ما وصفه بالحرب الباردة المستعرة بين ايران من جهة والدول المتضررة من تقاربها مع واشنطن والغرب من جهة ثانية ومن ضمنها المملكة العربية السعودية واسرائيل التي المحت مرارا وتكرارا الى تقاطعات ايرانية تجمعها بالمملكة وتؤسس الى نوع من التحالف الجديد للوقوف في وجه المد الايراني والملف النووي المفترض أنّه وجد طريقه إلى الحلول السلمية بعد انتهاج الجمهورية الاسلامية سياسة الانفتاح على دول الجوار والغرب في آن واحد.
ويعتبر المصدر أنّ توجيه الاتهامات السياسية يقع في مكانه الصحيح، إذ إنّ عملية التفجير الانتحارية هي أيضًا سياسية بامتياز، وبالتالي فإنّ توجيه أصابع الاتهام بهذا الاتجاه أو ذاك يقع في محله، فصحيحٌ أنّ لاسرائيل مصالح حيوية واستراتيجية في استهداف ايران وتوجيه رسائل دموية لها إلا أنّ الصحيح أيضًا أنها لا تملك انتحاريين عرب وإسلاميين وإن كانت ترعاهم بصورة غير مباشرة وهذا ما دفع بطهران إلى البحث عن شريك في العملية قادر على التمويل والتجييش والانتقال السهل بين ساحات الصراع العربية.
ويبدو بحسب المصدر المتابع عن كثب للحراك الايراني أنّ عملية التفجير انسحبت على المفاوضات الجارية في جنيف من خلال تبديلات جوهرية في الموقف الايراني الذي بدا أكثر تشددا في موضوع إنجاز اتفاق سريع يستند الى ما تم التوافق عليه في الجولة الماضية وذلك من باب التضييق على فرنسا المؤيدة لموقف المملكة بهذا الخصوص، مستندة الى الموقف الاميركي المتعاطف معها والذي يؤسس الى تعاظم الدور الايراني في المنطقة على حساب اسرائيل التي تقود معركة دبلوماسية غير مضمونة النتائج ضد مشروع ايران النووي من جهة والمملكة العربية السعوية وهي قائدة حرب اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد لتفكيك التحالف الممتد من ايران الى لبنان مرورا بسوريا والعراق التي حركت جبهتها بشكل غير منتظر على حدودها مع السعودية عبر من اطلق على نفسه اسم جيش المختار ما شكل نوعا من الرد بالتزامن مع الجولة النووية الثانية التي قد تكون حاسمة هذه المرة في ظل تسارع غير مسبوق في التحولات الدولية والاقليمية التي تشمل ساحات الصراع العربية العربية كما تأخذ بدربها التحالفات وتخلط المزيد من الاوراق في مشهد يوحي بواحد من احتمالين اما تسوية ايرانية غربية قد تطيح بالدور الخليجي او عودة الى تسعير الكباش وترجمته حربا متنقلة وتفجيرات على الساحات العربية.
في الموازاة، يتوقف المصدر عند الموقف الاوروبي المواكب لاجتماعات جنيف بحيث يبدو ان هناك تلميحات تنم عن اختلافات في وجهات النظر في ظل موقف بريطاني طامح الى ابعد الحدود ومتلازم مع حماسة المانية تغذيها الشركات الطامعة بدخول سوق استهلاكية قد تكون الاكبر في العالم العربي في مقابل ضغط فرنسي يهدف الى تمرير صفقات مع دول خليجية وهي صفقات قد ترسو في نهاية الامر لمصلحة واشنطن التي تضغط بدورها على طهران من خلال الملف النووي لدفعها الى الانخراط في الحرب على الارهاب لقاء تنازلات محدودة يمكن توظيفها على جبهات اسيوية اخرى على غرار استدراج موقف ايراني متساهل من الانسحاب العسكري الاميركي من افغانستان.