"قال رئيس مجلس الشورى السعودي ان النوم سيجافي سكان الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي بين القوى العالمية وايران"… لكن القلق كان واجبا منذ الغزو الاميركي للعراق، قبل 10 سنين. ولقد آن للعرب ان يعترفوا بأنهم تأخروا في استيعاب مغازيه، وبأنهم إما كانوا قصيري النظر عن اي رؤية استراتيجية، أو غارقين في التشفي من صدام حسين، لغزوه الكويت عام 1990، غافلين عن العراق البلد والشعب، والموقع الاستراتيجي.
آن الاوان للعرب ان يعترفوا بأن الغزو الاميركي غيّر وجه المنطقة، وبأن العراق كان الجدار الذي احتموا به من تصدير ايران ثورتها اليهم، وان ينهوا الادعاء بان صدام بادر، من دون علمهم، الى فتح حربه الساذجة، وغير المدروسة.
وآن لهم ان يقروا بأنهم شاركوا في الحرب على العراق، من موقع التابع المتفرج، لا الشريك المقرر، وهو الدور الذي كان لهم، يوم غزا الاميركيون افغانستان بعد أقل من شهر على "غزو" "القاعدة" الولايات المتحدة. ففيما كان العرب يتفرجون على تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة، كانت ايران، ومعها نظام الاسد، يتعاونان مع "الشيطان الاكبر" ويسهلان مهمته، قبل الدخول في صراع معه، مباشرة وبلافتات دموية كـ "القاعدة" و"دولة الاسلام"، بعدما عقدتا التحالفات اللازمة مع بعض الداخل العراقي، واتخذتاه معتمداً وأداة.
كانت ايران السباقة الى فتح سفارتها في بغداد، بينما "حردت" الدول العربية، لا سيما منها "الكبرى"، عن المبادرة الى اعادة العلاقات الديبلوماسية. حتى ان بعضها لم يشفع لديه سقوط صدام، وانهيار بلاد ما بين النهرين، دولة وجماعات، بل أصر على تدفيع الشعب، الخارج من تحت الركام، ثمن جريمة النظام ورئيسه.
اتاح الغياب العربي المفجع عن العراق، والحضور الايراني الفاقع، تمدد طهران السياسي، وسيطرتها على مدى حيوي يشمل العراق وسوريا وبعض لبنان، وبعضا من فلسطين، الى اليمن والبحرين.
اليوم، تبدأ طهران "هدنة نووية" لـ 6 اشهر، مع المجتمع الدولي، لا يبدو أنها تطرقت الى طموحها الاقليمي، لكنها أيقظت المنطقة على تساؤلات، عن دورها الذي تفيأ الاسلام حينا، والتصدي لإسرائيل، دوما، وغلّف أحلامها الامبراطورية المذهبية والقومية، بالممانعة والمقاومة. والتساؤل الأكبر عما سيفعله العرب بين فكي حليفي واشنطن، الاسرائيلي القديم، والايراني المستجد.
كانت عقدة الصراع العربي – الإسرائيلي ان اسرائيل واحدة والعرب 22 دولة. واليوم لا يبدو صراعهم مع ايران على غير هذه الصورة. والعقدة ليست في تعدد دولهم، بل في اختلاف رؤاهم الاستراتيجية، بل غيابها.
22 كانون الثاني المقبل موعد إجتماع جنيف الخاص بالأزمة السورية، سيكون يوم الامتحان للوزن العربي اقليمياً.ربما ينهي العرب يومها مهنة التفرج.