يحتكر السجن من مدّة طويلة، يتنزّه في أرجاء المكان وفي الباحات الخارجية دون حسيب أو رقيب. نحن لا نتحدّث عن عنصر من القوى الأمنية بل عن "السجين الملك" في سجن القبة في طرابلس الذي قلب حياة السجناء الى "جحيم" منذ دخوله اليه، وتحول ضغوطات دون تنفيذ قرار صدر من أعلى المرجعيات الأمنية بنقله من سجن القبة في طرابلس الى سجن زغرتا.
من المعروف أن سجن القبة في طرابلس هو الأسوأ حالاً بين السجون، ويتخوّف السجناء من إرسالهم إليه نظراً لحالته السيئة ولوضعه المتردي ولوقوعه في منطقة حساسة تسيطر عليها جماعات معينة. ولكن ما زاد حال هذا السجن سوءاً هو عذاب المساجين هناك من خلال وجود السجين ع. م هناك بحسب ما ذكرت مصادر مطلعة على القضية لـ"النشرة"، لافتةً الى أن "هذا السجين أحضر الى سجن القبة منذ شهور، ومنذ ذلك الوقت أصبح "السجين الملك" والآمر الناهي في المكان".
يتنزّه في باحة السجن، يدخل ويخرج الى غرفة رئيس الحرس حاملا "خنجره" على خصره والهاتف الخليوي بجيبه ولا أحد يستطيع أن يتعاطى معه ولا حتى آمر السجن هناك، وذلك لانه مدعوم من أعلى المرجعيات الأمنية في المنطقة بحسب ما تنقل المصادر لـ"النشرة"، لافتةً الى أنه "وفي المدة الأخيرة طفح الكيل من هذا الموضوع فقد بدأ يبتزّ السجناء، يضيق عليهم الخناق، وكلمته هي التي تفصل هناك".
تروي المصادر كيفية سير الحياة في السجن في ظلّ وجوده: "فعند إحضار أي سجين الى المكان فوراً يصار الى تفتيشه من قبل القوى الأمنية والسجين في آن معاً، فيتبين عندها ما يملكه السجين الجديد من أموال وممتلكات وغيرها من الأمور القيمة التي توضع في "الأمانات"، مشيرةً الى أن "ع. م يعمد الى سحب تلك الأموال من السجناء بطريقة أو بأخرى عبر "فواتير دخان" مثلاً فيبيع السجين بقيمة تساوي المبلغ الموجود أو بوسائل أخرى"، مضيفة: "للأجانب حكايتهم معه في الداخل، فعند وصول أي شخص أجنبي الى السجن يسهل له عملية الاتصال بذويه في الخارج ويشدد عليه أن يطلب منهم تحويل الأموال الى حساب ع. م الخاص... حتى وصل مدخول هذا السجين أسبوعياً الى حوالي عشرة الاف دولار".
تتابع المصادر "إذا كان السجين الجديد مرتاحاً مادياً يطلب تحويله الى الغرفة المتواجد فيها هو"، مشددة على أن "السجين الملك" يرسل الى السجناء الميسورين في غرفته سجناء آخرين يضايقونهم، ويتدخل هو في الموضوع فيعدهم بأن يحل المسألة شرط دفع مبلغ من المال. وتتابع المصادر: "للهواتف الخليوية قصة أخرى فهي باتت تجارة بالنسبة اليه فأي نزيل يرغب بإدخال هاتف خليوي يلجأ اليه وهو يؤمنه له مقابل مبلغ يصل الى ألف دولار".
وجود هذا السجين في القبة قلب حياة السجناء الى "جحيم"، وفي هذا السياق علمت "النشرة" أن "إتصالات أجريت مع أعلى المرجعيات الأمنية والقضائية في البلد، فأصدرت مذكرة لنقله فوراً من سجن القبة في طرابلس الى سجن زغرتا أمس". وأفادت المعلومات أنه "وعند الخامسة صباحاً من فجر يوم أمس حضرت قوة من الدرك لنقله تنفيذًا للمذكرة الا أن العناصر الأمنية منعت من تنفيذ مهمتها"، لافتةً الى أن "السجين إتصل من داخل السجن بذويه في الخارج الذين قطعوا الطريق في البداوي وبدأوا إطلاق النار إحتجاجاً على نقله، وفي نفس الوقت بدأت الضغوطات "الأمنية" من أجل فرملة عملية النقل بشكل نهائي، وحتى الساعة لم ينقل رغم أن المذكرة تطلب التنفيذ الفوري". ويبقى السؤال من هو هذا السجين؟ ومن يدعمه حتى يستطيع أن يخالف أوامر أعلى المرجعيات الأمنية والقضائية بنقله فوراً من سجن القبة الى سجن زغرتا؟ وهل هناك من مستفيد ماديا جرّاء بقائه في سجن القبّة؟