لأنّ بناء المجتمعات السليمة يكون عبر إنشاء جيلٍ واعٍ متعلمٍ ومثقف، تمّ تأسيس جمعية "المركز الاسلامي للتوجيه والتعليم العالي" عام 1993 وأخذت العلم والخبر من وزارة الداخلية والبلديات في تاريخ 21 كانون الاول عام 1995. هذه الجمعية وُلِدت لسدّ حاجة فعلية أوجدها الاحتلال الاسرائيلي الذي جعل تحصيل العلم مهمّة مستحيلة في مناطق احتلاله، الأمر الذي دفع بهؤلاء الطلاب للتفتيش عن سبلٍ أخرى توصلهم للعلم والمعرفة رغم تردّي الأوضاع الاقتصادية.

هذه المعضلة حسب مدير عام الجمعية علي زلزلة دفعت بمجموعة من الاشخاص التربويين والاقتصاديين ورجال الاعمال للتفكير بحل لها، فكانت جمعية "المركز الاسلامي للتوجيه والتعليم العالي" التي تعتمد بتمويلها على التبرعات والاشتراكات والاذونات الشرعية من المراجع الدينية السيد علي خامنئي والسيد علي السيستاني والسيد الراحل محمد حسين فضل الله، هي الحل.

وأوضح زلزلة، في حديث لـ"النشرة"، أنّ "هذه الجمعية عملت ولا زالت على دعم وتوجيه ومساعدة الطلاب الثانويين لتوجيههم نحو الجامعات، والجامعيين لمساعدتهم في دخول سوق العمل، كما أنّها عملت على التصدي لظاهرة "التسرب الجامعي" الآخذة بالاستفحال في مجتمعنا اللبناني نتيجة غياب التوجيه التربوي والمهني المناسب لطلابنا". أما تقديمات ومساهمات هذه الجمعية فهي حسب زلزلة " اعطاء منح مدرسية للطلاب المحتاجين مع أولوية للطالب المحتاج المتفوق، تقديم قروض قصيرة الاجل وطويلة الاجل لطلاب الجامعات حسب نوع الاختصاص ووضع الطالب المادي ومدى تفوقه الدراسي، توجيه الطلاب والاهتمام بالامور الثقافية والتربوية، إقامة برامج توجيه داخل المدارس تبدأ من الصف السابع حتى نهاية المرحلة الثانوية، تكوين بنك معلومات حول الجامعات والاختصاصات الجامعية ووضعها داخل كتيّب يُوزَّع مجانا، إضافة لتنظيم المؤتمرات والمحاضرات والمعارض، واهم هذه المعارض "​المعرض التوجيهي​" الذي تنظمه الجمعية للعام السادس على التوالي في قصر الاونيسكو بتاريخ 5-6-7 كانون الاول المقبل والذي اعتبره زلزلة صلة وصل بين كل مكونات التعليم لمساعدة الطلاب على حسن الاختيار.

وفي اطار الحديث عن المعرض رأى مديره ومدير العلاقات العامة في الجمعية هشام شحرور ان انطلاق المعرض قبل 5 سنوات شكل تجربة جديدة هدفها تقديم خدمة لطلاب المرحلة الثانوية وان هذه التجربة اثبتت نجاحها وفعاليتها، لافتا في حديث لـ"النشرة" الى ان تجاوب الطلاب وادارة الثانويات والاهل والمؤسسات المشاركة مع هذه التجربة جعلها تتطور لتقدم الخدمة التوجيهية بطريقة متقدمة جدا عبر اضافة الاقسام التجريبية التي تسمح للطلاب بعيش تجارب جديدة تفيدهم في اختيارهم. وأشار شحرور إلى أنّ "المعرض اصبح محطة ينتظرها الطلاب والمؤسسات التعليمية كل عام ويسألوننا عنها قبل اشهر من اقامتها وهذا دليل نجاح المعرض".

سيشهد المعرض السادس هذا العام حسب زلزلة تعاونا بين الجمعية وجهات عامة مثل وزارة الزراعة مثلا التي سيكون لها دور اساسي في تعريف الطلاب على الاختصاصات الزراعية المهمة بالنسبة للبنانيين. وفي هذا السياق لفت شحرور الى ان المعرض سيضم هذا العام اجنحة لـ 26 جامعة، قاعات للمهن والاحتصاصات يعرض اهل الاختصاص فيها تجاربهم في سوق العمل، قاعة للمحاضرات وورش العمل، قسم للتوجيه التربوي والنفسي، مختبر ذكائي ومهني بالاضافة الى مجموعة كبيرة من الانشطة التجريبية التي تقام امام الطلاب وبمشاركتهم. اما بالنسبة للتطوير الذي شهده المعرض هذا العام فهو بحسب شحرور يتمثل بانتخاب اجود ما مر في السنوات الخمس السابقة من انشطة تجريبية تدريبية واعتماده في المعرض السادس، بحيث ستقام محاكاة لمحاكمة كاملة بالاضافة الى اطلالة وافية على تجارب جديدة بالمجال الهندسي تنقل الطالب من العلم المجرد الى التجربة الملموسة.

ولفت شحرور الى ان الشق البيئي سيحتل حيزا واسعا في المعرض هذا العام عبر نشاطات بيئية تعزز الثقافة البيئية لدى الطلاب، كما سيتم التركيز ايضا على الصحافة الاستقصائية لتغيير الطورة النمطية للاعلام الموجودة في ذهن الطلاب، كاشفا في هذا الاطار عن محاضرة سيلقيها الصحافي العراقي منتظر الزيدي. وقال: "وجّهنا دعوة لكل ثانويات لبنان لحضور المعرض، كما اضفنا عددا اضافيا من المتطوعين لتمكين الكادر البشري من استيعاب اعداد الطلاب الضخمة المتوقع حضورها"، متوقعا "اكثر من 11 الف طالب سيحضرون المعرض هذا العام"، داعيا كل طلاب ثانويات لبنان للمشاركة في المعرض لما يتضمنه من ايجابيات يمكنهم الاستفادة منها في رسم مستقبلهم.

ساهمت هذه الجمعية بتخريج 19 ألف طالب جامعي بمختلف الاختصاصات، ولها كل عام 20 طالب يدرسون "الدكتوراه" في جامعات فرنسا، و5 آلاف طالب يستفيدون من القروض القصيرة الأجل كل عام، بالاضافة الى 25 الف طالب ثانوي يستفيدون من المركز كل سنة عبر توجيههم وتثقيفهم وفتح طريق الجامعات امامهم. هذه الجمعية لا تبغي الربح ولا تميز بين الطلاب على اساس طائفي وحزبي بل تساعد الطالب المحتاج والمتفوق ليكمل دراسته ويرفع اسم لبنان عاليا، لان هذه الجمعية مؤمنة ان سلاح العلم لمحاربة اعداء لبنان لا يقل اهمية عن السلاح العسكري.